فرز النفايات… مسؤوليتنا تجاه وطننا
الروائية لطيفة الحاج قديح
لا شك اننا نحتاج إلى وعي جماعي لنرى الوجه الآخر لنفاياتنا التي نضع مسؤوليتها بالكامل على الدولة، بينما يتحمل المواطن شاء أم أبى جزءاً من هذه المسؤولية. وربما كان لزجاجة الماء البلاستيكية أو لكيس النايلون اللذين أصبحا رفيقا حياتنا، ولا غنى لنا عنهما، ربما كان لهما الدور الأكبر في تفاقم مشكلة النفايات هذه ! لماذا ؟
فلنأخذ كيس النايلون أو البلاسيك مثالاً : فنحن بتنا نرى هذا الكيس أينما كان، وليس في السوبرماركت أو في سلال النفايات فقط. نراه يملأ الشواطئ ويطفو على وجه المياه، وغالباً ما نراه يتطاير أمامنا في الطرق، وأحياناً يحط على زجاج السيارة ونحن نقودها. وأحياناً أخرى نراه عالقاً على أغصان الشجر أو على الأسيجة. هذا كله بفضل خفة وزنه وقدرته على الطيران وطبعا بفضل خفة الإنسان في التخلص منه، فيتركه في البرية بعد نزهة أو يرميه من السيارة أو على الرصيف.
طبعاً هذا ما نراه مباشرة، لكن حقيقة الضرر أكبر من ذلك بكثير والسر يتجاوز صفاته الى مواد تصنيعه والأهم إلى دورة حياته. فهذا الكيس الذي أظهرت الدراسات أن معدل استخدامه لا يتجاوز عشر دقائق يومياً يعيش حتى ألف سنة ، والمادة التي صنع منها هي مادة البوليثيلين وهي من المشتقات النفطية، التي تحتاج الى مئات السنين لكي تتحلل.
وما يستهلكه العالم من هذه الأكياس سنويا يراوح بين خمسماية مليار وتريليون كيس. وبالتالي فإن مشكلة كيس أو زجاجة البلاستيك لا تنتهي عندما نتحلص منهما بل على العكس، فهنا تبدأ المشكلة. وسواء أكان الكيس في مقابر النفايات أم كان يتجول في الطبيعة فإنه يتكسّر جزيئات سامة تتسرب الى التراب والمياه وتفعل فعلها في النبات والحيوان ولا سيما في الحياة البحرية. والأرقام والدراسات المتداولة بين منظمات حماية البيئة وبرنامج البيئة التابع للامم المتحدة تظهر وقائع مرعبة.
هذا باختصار ما أوصلنا الى ما نحن فيه، فالإنسان عقل قبل اي شيء آخر، ولا بد للعاقل أن يجد الطريق الصحيح، حتى ولو استغرق ذلك وقتاً، ولا شكّ ان المسؤولية لا تقع على الدولة وحدها، فعلينا نحن أيضاً مسؤولية كبرى بفرز النفايات، فلنقم بفرزها وارسالها الى الجهات المناسبة لتدويرها، وليقم كل منا بمسؤوليته تجاه وطننا الغالي الذي من الله علينا به،.وإلا فنحن لا نستحقه.
