في التظاهرات المطلبية

Views: 599

خليل الخوري

لنعترف بداية بأن هناك «أسباباً موجبة» للتظاهر، فالشعارات التي رفعها المتظاهرون عالياً (باستثناء المسبّات واللعنات والشتائم بالطبع) هي واقع حال قائم لا يمكن تجاهله.

ولكن هل أنَّ الأمور مجرَّد تدافع شعبي عفوي بالرغم من المغريات كلها التي تستدعي حراكاً؟!.

الجواب هو: لا… ليس الأمر كذلك… فلا بساطة  ولا عفوية!

ونود أن نتوقف عند بضع ملاحظات:

أولاً: ليس من أحد ضد المطالب الشعبية… لأنَّ الوضع المعيشي (جراء الأزمة الاقتصادية المتفاقمة) يلقي بأثقاله على الناس، وبقوة، وبالتالي فإنَّ التعبير عن الضيق هو أضعف الايمان.

ثانياً: والمطالب المرفوعة لا يمكن أن يقف أحدٌ ضدّها: فمن هو الذي يعارض «تحسين الأوضاع المعيشية»؟ وأيضاً من يقف ضدّ «تأمين الخدمات الأساسية للمواطنين»؟ ومن لا يريد معالجة أزمة النفايات المتفاقمة في ما هو دليل صارخ على عجز أهل السلطة منذ سنوات وحتى اليوم؟ ومَن لا يدعم مطلب «اعتماد سياسات زراعية تحمي المزارع وتوفّر له أسواقاً لتصريف نتاجه، بعد مساعدته على تحمّل أعباء متطلبات القطاع الزراعي؟

إن تلك، كلها، مطالب مشروعة وفي يقيننا أنه لا يوجد عاقل واحدٌ في لبنان يقف ضدّها، وبالتالي فإنَّ المطالبة بها، بقدر ما هي حق مشروع، لا يجوز أن تتخطّى حدود المعقول. كما لا يمكن أن تتجاهل قاعدة «العين البصيرة واليد القصيرة». علماً أن هناك مسائل في هذه المطالب يمكن حلها أو معالجتها من دون إرهاق الخزينة العامّة بما يفوق طاقتها… كما أنه لم يعد لمالية الدولة أي طاقة.

ثالثاً: كان لافتاً بين المطالب ذلك الذي ينادي بـ»إعداد قانون انتخابي يمثل طموح الشعب». وفي نظرة جدّية الى رافعي هذا المطلب يتبين أنهم ينسجمون مع المطالبة بلبنان دائرة إنتخابية واحدة وهذا المطلب لا يلقى تجاوباً عند معظم الأطراف الرئيسة فتيار المستقبل قد لا يكون معجباً بالقانون الانتخابي الحالي إلاَّ أنّه ليس في وارد القبول بلبنان دائرة إنتخابية واحدة على أساس النسبية (من دون الصوت التفضيلي). وتلتقي مع هذا الموقف الأطراف المسيحية كلها تقريباً وبالذات التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب اللبنانية… علماً أن الدكتور سمير جعجع كان أوّل من أعلن، مباشرة وبالفم المليان، أنه لا يمشي بقانون الدائرة الواحدة على مستوى البلد…

رابعاً: وفي سياقٍ موازٍ كان لافتاً أنَّ خريطة التظاهرات في العاصمة كانت واضحة المعنى: فلقد تموضع المتظاهرون في مناطق الضاحية الجنوبية ومحيطها. صحيح أن العدد المحدود من المتظاهرين لا يشي بأنَّ هناك «أمر عمليات» بالتظاهر، إذ لو أُصدر هذا الأمر لكانت الشوارع شهدت حشوداً ضخمة… ولكن البعض قال، في هذه النقطة بالذات، إنَّ ما شهده بعض الشوارع، أمس، كان مؤشراً مباشراً قوياً على أنه «بروفة» باعتبار ما سيكون!

وفي أي حال نرى أنه لا يمكن للعهد وحكومته «الأولى» أن يكونا مطمئنّين.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *