الحرية والحق

Views: 296

خليل الخوري

درس بدائي أول في علم الفلسفة كان يتحفنا به أستاذنا في مادتي الأدب العربي والفكر الإسلامي  عندما الكلام على الحرية. وهو، باختصار وافٍ: «أنت حرّ في أن ترمي بحجر، وأنا حرّ في ألاّ يقع حجرك على رأسي»!

كثيراً ما أتذكرّ أستاذنا الكبير الأديب الشاعر  المرحوم أديب صعيبي عندما يطرح موضوع الحريات في هذا البلد بين «موسم» و»موسم» آخر. وما اكثر المواسم التي تطرح فيها قضية الحريات بسبب حقيقي وبأسباب مفتعلة، ولغايات عديدة ليست الحرية واردة في جدولها على كل حال.

والحرية (كما يعرف الجميع) هي التصرف كما يريد المرء من دون قيود… إلاّ أنّ للحرية حداً هو الحقيقة. ولا يخطر في بال أحد بإستثناء بعض الفكر العبثي أن الحرية تعني الانفلات.

ولقد ارتبطت ممارسة الحرية بالحقيقة من جهة وبالحق القانوني من جهة ثانية. وهما أمران متلازمان. هذا  هو مفهوم الحرية في الديانات السماوية كافة. فلا حرية من دون حق. ولا حق يكون حصرياً بجبهة أو فرد أو شخص أو فئة أو جماعة دون طرف الآخر.

وفي المسيحية تحدث المسيح عن الربط بين الحق والحرية، أمّا الرابط فهو المعرفة. لذلك قال في إنجيل يوحنا (23:8): «تعرفون الحق، والحق يحرركم». إذاً المسيحية التي جعلت المعرفة طريقاً للحق، جعلت الحق سبيلاً للحرية. والحق هو أن يكون لصاحبه، فلا يستأثر به أحد.

وفي تعريف الحرية في الإسلام  (ويكبيديا، موسوعة وزي) «إن من شروط حرية الفرد الشخصية في الإسلام عدم الإضرار بالآخرين مادياً ومعنوياً. والإسلام ضمن حرية العقيدة للجميع: «لو شاء ربك لآمن مَن في الأرض كلهم جميعاً، أفأنت تُكرهُ الناس حتى يكونوا مؤمنين». وكان هذا الكلام موجهاً الى  النبي محمد (صلعم).

أما أن تكون الحرية في مزاجية التصرف، فهذا ليس منها  بشيء.

وأن يعلو الصراخ إذا أدى سوء استعمال الحرية الى المثول أمام القضاء فهذا غير معقول. فهل من الحرية بشيء أن يتناول «الحرّ» (فرداً أو جماعة) الآخرين بالسباب والشتائم وفبركة الشائعات؟ حتى اذا استدعي أمام القضاء قامت القيامة؟

وهل من الحرية بشيء التطاول على كرامات الآخرين وأعراضهم وحقوقهم؟

وهل منها قتل الناس في أجسادهم وقتلهم معنوياً؟!

والأقوال في الحرية أكثر بكثير مما تستوعبه المجلدات، فكم بالحري هذه العجالة.

لذلك، أكتفي ببضعة نماذج.

* يقول ڤولتير: أنا لست من رأيكم  لكنني سأصارع كي تقولوه بحرية.

* ويقول  ستيڤن كوفي: نحن أحرار باختيار أعمالنا، لكننا لسنا كذلك بما يتعلق بتداعيات أفعالنا.

* ويقول جون ستيوارت ميل: إن السبب الوحيد الذي يعطي الحق لمجتمع حضاري في التدخل في إرادة عضو من أعضائه هو حماية الآخرين من أضرار ذلك التصرف.

* ويقول جون لوك: الحرية الكاملة هي التحرك ضمن القوانين الطبيعية (…).

في بحثي عن الحرية أعطاني جهاز الكومبيوتر (الحاسوب) 84 مليوناً و500  ألف نتيجة في ثلث ثانية واحدة وفي التقدير أننا نكون أحراراً بقدر ما نحترم حقنا ونراعي حق الآخر. ذلك أن الحق يحررنا.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *