«تناغم»

Views: 12

خليل الخوري

ليست مصادفة أن يختار رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع وزارتين حقيبة إحداهما بعهدة التيار الوطني الحر والثانية بعهدة تيار المستقبل منتقداً سير العمل فيهما وهما الطاقة والاتصالات، لسنا في وارد الدفاع عن أي طرف إنما نستخلص أين أضحت العلاقة بين القوات والمستقبل. وقد يكون من حق جعجع أو أي مواطن لبناني أن ينتقد وحتى أن يندّد، إلاّ أن هذه الانتقائية لافتة  الى حد كبير على الصعيد السياسي.

وفيما كان الدكتور جعجع يتحدث امام جمهور من الانتشار اللبناني في كندا كان النائب فيصل كرامي يتحدث من بيت الكتائب إثر جولة حوار مع النائب الشيخ سامي الجميل، ليلتقيا مع رئيس القوات (رغم ما يفصل بين الطرفين جغرافياً من «سبع بحور» كما يقال) على ضرورة استقالة الحكومة.

وفي فهمنا للممارسة  الديموقراطية أن الجميل، وحده، يحق له أن يدعو الى استقالة الحكومة كونه معارضاً إياها، غير ممثل فيها، لم يمنحها  الثقة. أمّا  جعجع وكرامي فلا يحق لأي منهما أن يطالب بإستقالة حكومة هو ممثل فيها. فالدكتور جعجع  موجود في الحكومة بحضور لافت ووزراؤه كثر في تشكيلتها. وكذلك كرامي ممثل فيها، وجاء تمثيله بعد أزمة أخرت التأليف أسابيع  عديدة، إثر اختراع كتلة نيابية لقيت دعماً قوياً من سماحة أمين عام حزب الله ما شلّ البلد الى أن تمثلت تلك الكتلة في الحكومة، فصدرت المراسيم. وكرامي ركن أساس في أولئك النواب الذين جرى «تجميعهم» من مختلف الكتل وكانوا قد توجهوا الى الاستشارات النيابية في القصر الجمهوري كل في جماعة… ولكن إصرار السيد نصر الله على تمثيلهم التزاماً بوعد قطعه لهم وربّـما لسواهم خارج الحدود، هذا الإصرار كان حاسماً.

وأمس تحدث  كرامي عن أن هناك «تناغماً» وتعاوناً بيننا وبين الكتائب… وهذا جميل جداً. وليت «الأنغام» التي تنبثق من معزوفة هذا التعاون تدفع بفيصل كرامي، النائب الشاب الواعد، وسليل الأسرة الوطنية الكبرى التي انأبت الكبار الكبار أمثال المغفور لهم عبد الحميد ورشيد وعمر…  نقول ليت تلك الأنغام تلهم كرامي أن يحذو حذو  الشيخ سامي فيسحب  «ممثله» في الحكومة الوزير حسن مراد… أو أن تلك الكتلة أدّت دورها لينتهي أمرها بإنتهاء صدور المراسيم.

وبالنسبة الى الدكتور سمير جعجع الذي لا يشك أحدٌ في صدقيته  وفي نهج وزرائه، الكثر، في الحكم، فلماذا لا يلجأ الى أهون السبل؟! فبدلاً من أن يغتنم وجوده على المنبر الاغترابي في كندا ليطالب الحكومة بالاستقالة، فليبادر الى سحب وزرائه منها ليكون منسجماً مع المنطق والأسس الدستورية والديموقراطية وخصوصاً مع الذات!

أما في المبدأ فهل يتحمل البلد فراغاً حكومياً في هذه المرحلة الدقيقة جداً، فالجميع يعرف صعوبة تشكيل حكومة… وحتى إذا شكلت فلن تكون مختلفة عن الحالية.

وإذا كان الوزراء «نظيفين» فهل يقتصر دورهم على العرقلة كما يفعل وزراء القوات؟ وهل يجوز أنْ يؤيد وزراء مشروع الموازنة في مجلس الوزراء ثم يعارضه نواب كتلتهم في المجلس النيابي؟

(www.genusinnovation.com)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *