الآتي الأعظم

Views: 776

خليل الخوري 

القارئ الأمين على متابعة هذه الزاوية يجب ألا يُفاجأ بما يجري على الساحة  اللبنانية من تطوّرات نرى أنّها بدأت تأخذ أبعاداً كبيرة، مثل أي أحداث كبيرة وما يستجد على امتدادها من تشابك محاولات وأحداث وغايات وأهداف…

وهذا أمرٌ طبيعي. فالانتفاضات والأحداث والثورات يُعرف كيف تبدأ ولا يُعرف كيف تنتهي.

لقد حذرنا تحت عنوان «الله يستر» من أننا مقبلون على مرحلة  دقيقة وأحداث جسيمة، وقلنا إنّ التدهور المتصاعد في الوضع الاقتصادي – الاجتماعي، من شأنه أن يقود الناس الى الشارع لأن ليس لديها أي بديل. فالصُراخ العفوي والصادق هو تعبير عن واقع أليم «يجب» بالضرورة أن يقود إلى اليأس إن لم يكن إلى الكفر.

وكنّا قد تحدّثنا تحت عنوان «انقلاب» عن أنّ هناك مخططاً خارجياً  بأدوات تنفيذية متعدّدة لإسقاط العهد.  وذكرنا بعضاً من ذلك المخطّط، وكتبنا أنّ هناك من سيستغل صراخ الناس الذي سيعبر (قلنا سيعبّر لأننا كنا نكتب منذ أشهر وأسابيع قبل هذه المستجدّات الكبرى) سيعبّر عن الوجع والجوع وعدم القدرة على مواجهة تكاليف الحياة.

واليوم نؤكّد على أنّ الناس نزلوا الى الشارع بدفع ذاتي تحت وطأة الأزمة الاقتصادية التي لم يعودوا قادرين على تحمل وطأتها. هذه حقيقة. ولكن كل يوم يمر على الانتفاضة من دون إيجاد حل للمطالب الشعبية التي كانت منطلقاً للحراك العريض في الشارع، من شأنه أن يفسح في المجال أمام التدخلات على أنواعها، وأيضاً أمام توسيع الشرخ الكبير الداخلي الذي تجاوزته الانتفاضة في أيامها الأولى… إلاّ أنّ الشقاق آخذّ في الاتساع أكثر فأكثر.

إن «الحرارة» الزائدة التي سُجلت أمس، في الخطاب المرافق الحراكات المختلفة يزيد في وقود نيرانٍ بدأت تشتعل في غير مكان. صحيح أنّ المطالب لا تزال تظهر، ولكن ما بدأ يرافقها من هتافات في غير ساحة جعل الساحات منبراً للتهجّم على القيادات بالاسم: وهذه الظاهرة بدأت فيها القوات ثم الكتائب  وتحوّلت ساحات جل الديب والزوق وجبيل الى منبر للتهجم على الرئيس ميشال عون…

ولاقاهم منذ اليوم السابع التيار الوطني الحرّ وتركزت الهتافات ضد الدكتور سمير جعجع من تحركات في بعبدا وجبيل وجونية.

ووصل حزب الله متأخراً واختار عناصره ساحة رياض الصلح ثم لبوا نداء سماحة السيّد حسن نصر الله فانسحبوا بعد إشكالات… وانتقلوا الى الضاحية  التي تحوّلت إلى منبر للهتافات ضدّ جعجع والسنيورة وسواهما.

الغاية من هذا العرض السريع الإشارة إلى أنّ  الأمور قد تكون لا تزال مضبوطة نسبياً. ولكنّ أحداً لا يستطيع أن يراهن على الآتي…

اللهم نجّ لبنان واللبنانيين من الآتي الأعظم.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *