منتدى شهرياد… مواسم إبداع لا حدود لها

Views: 1309

ميشلين مبارك

“شهرياد” اسم منحوت من اسميّ بطليّ “الف ليلة وليلة” شهرزاد وشهريار، يضمّ شاعرات وشعراء يمثلون النسيج الاجتماعي اللبناني على اختلاف تنوعهم الفكري والثقافي والتوجه السياسي. فشهرياد وُلد كتعبير عن الجوّ الثقافي لشارع الحمراء في بيروت انطلاقا من الانفتاح وتقبل الاخر.

 في تموز من العام 2012 اجتمع بعض الشعراء والكتاب عميدهم الشاعر نعيم تلحوق في مقهى راس بيروت بغية انشاء حركة ثقافية شعرية تضم إضافة الى الشعر، الرسم والموسيقى في ليلة واحدة أُطلق عليها منتدى “شهرياد”. الهدف خلق منبر مفتوح لجميع المواهب، لاعطائهم فرصة من جهة ولتعريف القرّاء والحضور على إصداراتهم من جهة ثانية.

 

وقد تزامن نشوء هذه الحركة مع اصدار كتاب “وطن للتهجئة” في المانيا ولبنان، وهو عبارة عن مختارات شعرية مترجمة الى اللغة الالمانية لشعراء شهرياد مخضرمين وشباب يصورون وطنهم بأسئلتهم اللاهثة خلف التفاصيل للمترجمين د. سيبستيان هانيه ود. سرجون كرم.

يومها كتب الشاعر نعيم تلحوق بأنّ “شهرياد هي حكاية الخروج من الخوف الى عراء الأغنيات فها شهرزاد وشهريار يجتمعان ليقولا ما خفي من احلامهما”. 

 على مدى هذه الأعوام، استقطب منتدى شهرياد مئات المثقفين من مختلف التيارات والمدارس الشعرية والفنية، ومن مختلف الاعمار والمناطق والبلدان، فشكل محطة متميزة للشعراء والشاعرات من لبنان المقيم والمغترب، من فلسطين، العراق، سوريا، السعودية، الكويت، اليمن، مصر، تونس والمغرب…

منتدى شهرياد في الملتقى الثقافي-الادبي في ولاية المهدية في تونس-نيسان 2019

 

ماذا يعني لك منتدى شهرياد؟

سؤال توجهنا به الى اكثر من كاتب وفنان تشكيلي واستاذ جامعي

فأتت الأجوبة كالتالي:

الإعلامي والروائي الياس العطروني يختصر “شهرياد” بحقل وبذار لمواسم ابداع آتية رغم كل هذا الديجور.

أمّا عضو نقابة الصحافة الإعلامي جورج طرابلسي فيعبر قائلا: “اذا كان شهريار هو ليل الأسطورة، فانّ شهرزاد كانت نهارها، وبزواج ذاك الليل من “تلك” النهار، اكتملت دائرة الحياة، واصبح للحكايات اسم آخر، اسم يتخطى المكان وما اليه من ارقام واعداد…”شهرياد” نور في مذود الثقافة، وفجر عهد جديد من الابداع، نأمل دوام اشراقته، على مدى الف “ألف نهار ونهار” في لبنان وكل البلاد…

من تونس تبوح الشاعرة والرسامة أسماء الشرقي بأنّ “شهرياد” هي مشروع الغد لثقافة راسخة، وهي نظرة لا تحيد عن مستقبل واعد لوطن الحرف الواحد حيث تتجمع جداول المعارف العربية في بحر ابجديات الفكر الملتزم بعمق البحث، والبحث هنا يروم ملامسة كل ما من شأنه ان يضمن ولادة نصوص أدبية جدية، شهرياد هي عباءة حاكها الشيخ نعيم تلحوق وهو الباحث عن اكوان الذات والشاعر بأزمة النص في زمن الانفلات، شهرياد تمثلني واكتمل بها انا السابحة في عباب الحرف واللون”.

من لبنان يعترف رئيس المركز الثقافي الإسلامي الدكتور وجيه فانوس بأنّ “شهرياد” عيشٌ متألقٌ بشعشعانيّة سُمّو رُقيه، في زمن ناس يمشون مثقلين بصليب وجع الوطن والثقافة. و”شهرياد”، قيامة أفراد عُزّل من أيّ سلطة، سوى الاحترام، يبعثون بوجودهم، كرامة الابداع والجمال والعطاء، مؤسسة عزّ تهبُ الحياة لكلّ طالبِ حقّ لها”.

أمّا الفنان التشيكلي حسن جوني فيعتبر بأنّ “شهرياد” هي ظاهرة أرادها القيمون عليها وأخصّ بالذكر الشاعر نعيم تلحوق والدكتور محمد ناصر الدين ومن معهم.. بالاضافة الى رعاية وزارة الثقافة، ان تكون رافعة للابداع الحقيقي في زمن الطغيان المفزع لكل الأنشطة الروحية، مما يجعل من “شهرياد” رافعة لكينونة الحضارة في تجسدها المادي والجوهري”، موجها كلمة شكر لمن هم “ناس شهرياد لأنهم بحسب رأيه “ينتشلون الانسان المرهق في خضم الحداثة المرتبكة: انّ من أشعل نفسه في سبيل التوهج الإنساني النبيل سيجد نفسه على موعد مع شهرياد كما يستحق كريماً ومكرماً”.

الشاعر شوقي أبي شقرا مكرمًا في منتدى شهرياد ويتسلم درعًا تكريمية من د. علي الصمد

 

أما الكاتب والإعلامي طلال شتوي فيوضح أن “ملتقى شهرياد” هو مشروع وطني أكثر مما هو مشروع ثقافي، في وطن يفتقد بوتيرة متسارعة ومحزنة قدرته على ابتداع مناطق التلاقي بين ناسه الذين تحولوا الى “شعوب” متجاورة متنافرة تبرع في الغاء المساحات المشتركة في ما بينها.

وليس مستغربا، على حد قول شتوي، ان يكون الشعر ومعه الموسيقى والرسم، أدوات هذا المشروع الذي انطلق من بيروت ولم يتمركز فيها، بل تمدّد الى المدن والبلدات والقرى في كل لبنان، مكرّسا “رابطة” حقيقية بين صناع الابداع وجمهور الابداع في احتفالية اجتماعية مبهجة تذوب فيها الانتماءات المتناقضة وتنتصر مودات الصداقة العابرة للطوائف والأحزاب والمناطق والاجيال.

كل ذلك، يتابع شتوي، من دون جهات ممولة ومن دون شعارات او دعم من مؤسسات إعلامية حتى من دون “دفتر شروط” وغايات غير تلك الظاهرة والمعلنة وهي الاحتفال بالتلاقي والفن والجمال.

ويتساءل الكاتب طلال شتوي “هل غريب ان يكون هذا “الحزب” الاستثنائي في هذا الزمن اللبناني المتراجع قد ولد من أحلام (وخيبات) شاعر مضيء تخاله آتٍ من عصر لبناني لم يأتِ بعد، هو نعيم تلحوق؟

الإجابة، اطلاقا، بل لعلّ نعيم تلحوق، الاسم والسيرة والتجربة، هو من يعطي “شهرياد” صكّ الريادة في سلوك الدرب الوعر نحو وطن نستحقه.

أخيرا، تجدر الإشارة بأنّ لشهرياد عدة فروع إضافة الى الحمرا: في المتن، راشيا، المريجات (قضاء زحلة)، جبيل، الكورة وطرابلس وقريبا شهرياد النبطية، وباذن الله لفروع أخرى في العالم العربي ولاسيما في تونس، ففي نيسان من العام 2019  شارك وفد من منتدى شهرياد في الملتقى الثقافي-الادبي في ولاية المهدية في تونس بدعوة من جمعية اصالة وبرعاية وزارة الشؤون الثقافية التونسية، أتت هذه الزيارة لتضع حجر الأساس للتعاون الثقافي المشترك بين البلدين، تعاون سيقطف ثماره قريبا في الملتقى الثقافي العربي الأول الذي تتحضر له وزارة الثقافة اللبنانية مع منتدى شهرياد، والمزمع عقده قريبا في لبنان.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *