الحراك الشعبي في لبنان وفوضى المصطلحات

Views: 5

 كامل المر 

يوم انطلق الحراك الشعبي المبارك في لبنان ضد الفساد واستغلال السلطة ، توسمنا فيه خيراً . لكن سرعان ما انكشفت خفاياه، او نوايا محركيه الخبيثة ، التي كشفتها بعض شعارات المتظاهرين في الساحات والشوارع ، وهتافاتهم ، التي تميّز معظمها بالشتائم والسباب ، واظهر فوضى المصطلحات المستخدمة والعبارات السوقية البعيدة كل البعد عن روحية الحراك ومضامينه وأهدافه المشروعة . 

ثورة  .. ثورة .. ثورة ..

“ثورة برنامجها الثوري ام فلان واخت فلان” وشعارها الأبرز “كلن يعني كلن” وادواتها قطع الطرقات وفرض خوّات واذلال المواطنين على حواجز قطع الطرقات وتذكيرهم بممارسات “ابطال” الحرب اللبنانية البغيضة ، فهي لا تمت الى الثورة بصلة ، وهي عند بعضهم تقديم الراء على الواو ممارسة وفعلا فهي بعرفهم فرص يجب الاّ تضيع . 

اما شعارها “كلن يعني كلن” فذلك يعني مساوات الصالح بالطالح ، وهذا قمة الدفاع عن الباطل وعن الفساد والرشوة وسائر الموبقات . 

اما استرجاع المال العام المنهوب فله قواعد واسس قانونية لا تتأمن بظل الفوضى . فالفوضى من شأنها ان تجهض القوانين وتفرغها من مضمونها ، وفي مقدمة الأسس القانونية قانون الاثراء غير المشروع ، الذي يجب ان يطال اول ما يطال اثرياء الحرب اللبنانية البغيضة . وهذا لا يندرج تحت فوضى المصطلات التي يستظل بها المفسدون والفاسدون . 

مهلاً .. لا يظنن احد اننا فيما نبين من مفاسد ترتكب في ظلّ هذا الحراك اننا ضد التحرك الشعبي لاصلاح ما فسد من شؤون الوطن في ظلّ حكامٍ توارثوا الحكم وجلهم لا يزال .. (elemergente) لا .. فأَنْ نُبَيّن ما يُرتكب من مفاسد في ظلّ الحراك فلأننا نريد لهذا الحراك ان ينجح ، وبالتالي ان يحقق غاياته النبيلة التي يجري اغتيالها بشتى الطرق ، وفوضى المصطلحات الفارغة المضمون واحدة منها . 

ولم ينس الصائدون بالماء العكر من استحضار “المجتمع الدولي” ووضعه على السنة بعض السذج في الحراك ليطالبوا بوضع لبنان تحت البند السابع للأمم المتحدة ، وشطح بعضهم ليطالب بانتداب خارجي ليصلح ذات البين بين الشعب والسلطة . 

المقلق في الامر دخول السفارات ، ولا سيما الأميركية منها والخليجية والجامعات  الأجنبية أيضا والأميركية بصورة خاصة على توجيه الساحات . 

كتب دايفد غناطيوس في صحيفة واشنطن بوست : خسرنا سوريا فيجب الاّ نخسر لبنان وقد يرى اللبنانيون في تخلي ترامب عن الكرد إمكانية تخلي اميركا عنهم . 

اذا اضفنا هذا الى كل ما تقدم ، واذا ادركنا خطورة الأوضاع المحيطة بلبنان من العراق الى سوريا يضاف اليها تهديدات إسرائيل المستمرة يمكن لنا ان ندرك مدى خطورة انحراف الحراك عن أهدافه النبيلة ليتحول الى خطر يهدد كيان الوطن اللبناني ، وهذا ما لا يريده اللبنانـيون المخلصون الـذين يريـدون القـضاء على الفساد ، ومحاسبة المفسدين ، واسترجاع المال العام المنهوب ، من كل من سوّلت له نفسه ان يمد يده القذرة للسطو على المال العام . 

واذا ما احسن اللبنانيون إدارة حراكهم النبيل فقد يستطيعون تحقيق دولتهم المدنية وان يضعوا حدّاً للمحاصصة الطائفية التي خرّبت البلاد . 

وان فعلوا يكونون قد وضعوا البند الأول في برنامج ثورة ، يتضمن فيما يتضمن تحقيق العدالة الاجتماعية لكل اللبنانيين ، وتنتقل باقتصاد البلاد من الاقتصاد الريعي الى اقتصاد منتج في الصناعة والزراعة وسائر حقول الإنتاج . 

فثورة بدون برنامج ينتقل بالبلاد والمجتمع من حالة مزرية الى حالة افضل هي ثورة كلام هراء . ونربأ بالحراك الشعبي ان يتحول الى مثل هكذا “ثورة” .                                  

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *