مقدمات نشرات الأخبار  المسائية  الأربعاء 13-11-2019

Views: 247

 المنار 

 

هل من شكٍّ بعدُ أنَّ الهتافاتِ بحناجرَ سياسية، باتت تطغى على اوجاعِ التظاهراتِ الشعبية؟ وأنَ مشاغبي “غب الطلب” باتوا يقطعونَ الطريقَ على مطالبِ المتظاهرينَ الحقيقيين، المصابينَ من بعضِ المتسلطينَ مرتين، مرةً بسرقةِ اموالِهم وبلادِهم، واخرى بسرقةِ اوجاعِهم وآمالِهم..

اما آلامُ اللبنانيينَ، فلأنَ الصخَبَ والضجيجَ باتَ اعلى من اَن يَسمعوا بعضَهم البعض، وانَ احتدامَ المشاكلِ في الشوارع، وانعدامَ الرؤى بعد أن طغى الضبابُ الحزبيُ على نصاعةِ التحركاتِ المطلبية، قد وضعَ البلادَ والعبادَ على شفا جُرُفٍ هارٍ، والامورُ لم تَعُد تحتملُ غُنجاً سياسياً، او رسائلَ شوارعية..

وما دماءُ علاء ابو فخر المهدورةُ عندَ تقاطعِ الوجعِ والسياسةِ سوى انذارٍ مؤسف، ومعه اهاناتُ الناسِ والتضاربُ عندَ حواجزِ جلِ الديب المزروعةِ باوهامِ او حنينِ البعضِ الممتهنِ قطعَ الطرقات، الا على استقبالِ توجيهاتِ السفارات..

في اسفارِ السياسةِ بداياتُ وضوح، يزدادُ يوماً بعدَ يومٍ معَ سَحبِ الذرائعِ وكشفِ خفايا المطالب.

كلامُ رئيسِ الجمهوريةِ الواضعُ للاستشاراتِ النيابيةِ على بعدِ ايامٍ قليلة، وتبنيهِ مطالبَ المتظاهرينَ المفترضِ انها الابرزُ من محاربةِ الفسادِ والفاسدينَ الى استعادةِ الاموالِ المنهوبةِ واقرارِ التشريعاتِ المطلوبةِ، لم تُعجب بعضَ المتضررين، فاضافَها اليومَ على مسمعِ الموفدِ الفرنسي القادمِ بمهمةٍ استطلاعية، انه سيواصلُ اتصالاتِه لاجراءِ الاستشاراتِ النيابية لتسميةِ رئيسٍ جديدٍ للحكومة.

حكومةٌ خيارُه ان تكونَ مؤلفةً من سياسيينَ وتكنوقراط لتأمينِ التغطيةِ السياسية اللازمةِ لها.

تغطيةٌ يَجري تأمينُها من خلالِ المشاوراتِ التي تتكثفُ مستبقةً الاستشارات، معَ معلوماتٍ تتحدثُ عن رغبةِ رئيسِ الحكومةِ المستقيل سعد الحريري بعدمِ تسميتِه لرئاسة الحكومة الجديدة.

حكومةٌ أمَلَ الرئيس نبيه بري ان تكون جامعةً َوقادرةً على تحقيقِ امنياتِ اللبنانيينَ في مكافحةِ الفسادِ، والالتزامِ بالاصلاحاتِ الاقتصاديةِ، وتطويرِ الحياةِ السياسية، معَ الحذرِ من الفراغِ السياسي، ودائماً من الواقعِ الامني ..

في فلسطينَ المحتلةِ امنُ الصهاينةِ  بيدِ المقاومينَ القابضينَ على الزناد، المنتقينَ التوقيتَ للردِّ المناسبِ على الحماقةِ الصهيونيةِ باغتيالِ الشهيدِ بهاء ابو العطا، اما ما يتعرضُ له الكيانُ من مئاتِ الصواريخِ خلالَ يومين، فليسَ سوى رسائلَ اوليةٍ يقولُ المقاومون الفلسطينيون.

 

الجديد 

 

بين مقابلةٍ وضحاها سقط الرئيسُ مُضرَّجاً بتصريحاتِه فأَدخلَ الرئاسةَ إلى سِلكِ المطالب وظَهرَ في الشارعِ للمرةِ الأولى مَن يدعو إلى رحيلِ ميشال عون هو الحوارُ القاتلُ لكرسيِّ جالسِه, العابرُ للجُمهوريات والهادمُ للهياكل فالجُمهوريةُ هنا أعلى سُدةِ المسؤولية  ومتى كان شاغلُها لا يَملِكُ ما يُقدّمُهُ للناس فلماذا خرَجَ إلى الناس؟ لا استشارات أَفرَجَ عنها, لا حكومة  وإنْ على سبيلِ الحوار, لا فاسدين إلى السّجون, ووَسَطَ هذه ِاللاءاتِ كانتِ المُكابرة بدعوةِ الجمهورِ الثائرِ إلى بَلاطِ الملك ساعةٌ ونِصفُ الساعةِ مِن إخراجِ زمنٍ سينمائيٍّ منعدمِ الزوايا والرؤيا ولا يُشرفُ على شوارعَ غاضبة. لم يكن أحدٌ ليجادلَ في تاريخِ ميشال عون ولا في غُربتِه ونفيه لكنّ شَعبَه العظيمَ كان قادرًا على إنتاجِ صرخةِ ألمٍ خرَقتِ القصرَ ولم يُقنعْها خِطابٌ هزيلُ البُنية يَهرُبُ مِنَ المسؤولياتِ ليَرمَيها على حَراكٍ وجُمهورٍ و”بضعِ” حكومة  والأبعدُ مِن تقويمِ لقاءٍ تلفزيونيّ كانَ الأمنَ الذي أُنيط برجالاتٍ غريبةٍ عنِ الشارع  كان حاضرًا على توقيتِ المقابلة فتسلّمَ مَهامَّ لا تُشبهُ الثائرينَ وتسبّبَ بسيلانِ دماء وكان علاء أبو فخر ضحيةً سقَطت على مرأىً مِن روحِه التي تَمشي على الأرض ابنِه الذي احتضنتْه والدتُه لتَجحُبَ عنه مشهداً تطلُعُ فيه الروح فمَن افتعل كلَّ هذا السيناريو؟ مَن أخذَ الثورةَ الى اللونِ الأحمر؟

وأيُّ دولةٍ هذه التي يبقى مسؤولوها بلا حَراك  ثم يتّهمون حَراكًا ذَهب يفتّشُ عن دولةٍ نظيفة ؟

فإلى تاريخِ ميشال عون وحاضرِ سعد الحريري ومستقبلِ نبيه بري وإلى كلِّ مَن يَعنيهم الأمر في سلطةٍ غائبةٍ عن وعيِها  باتت دولتُكم اليومَ في الهاوية , عصيانُها المدَنيُّ أصبح ظاهرًا , طلابُها يعلِّمونَ دروساً في الطرُقات , مصارفُها معَ وقفِ تمويلِ الناس , أجهزتُها الأمنيةُ بعضُها يُطلقُ النارَ على المواطينين  وأنتُم تأخذونَ البلدَ رهينةَ استشاراتٍ نيابيةٍ يُلزمُكم الدستورُ إجراءَها فمن أيِّ نوعٍ سياسيٍّ انبزغت جيناتُكم ؟  فإذا كانت دعوةٌ إلى استشاراتٍ قد أربكت مَسيرتَكم اليومَ بماذا تَعِدونَ الناسَ غدًا؟

علمًا أنَّ أيَّ رئيسٍ مكلّفٍ وحكومةٍ تُؤلَّفُ سوف تَحتاجُ إلى نيلِ ثقة  وما نيلُ الثقةِ بالتمنّى لكنّ مجلسَ النوابِ سيكونُ هو المقرّرَ  وفي حالِ لم تأخذِ الأكثريةَ الموصوفةَ تَسقُطُ الحكومةُ بضربةِ تصويت  فعلى ماذا تخافون ؟  ومعَ تردّدِ السلطةِ ورئيسِ الجُمهوريةِ تحديداً في الدعوةِ إلى الاستشارات فإنه يزيدُ من ضجيجِ الشارع وغضبِ الشَّعبِ وإصرارِه على بقاءِ الثورةِ ناضجةً وأكثرَ وعيًا مِن غباءِ السلطة وهذا الوعيُ تَرجمتْه شموعُ المُدُنِ التي أُضيئتِ اليومَ فخراً بعلاء شهيدًا رُسِمَ على جُدرانِ ثورة ..

 

 OTV  

 

قبل شهر بالتمام والكمال، في ختام كلمته في ذكرى الثالث عشر من تشرين، توجه جبران باسيل إلى رئيس الجمهورية بالقول: “الوقت يمرّ، والناس ونحن نطالبك أن لا تنتظر طويلاً… وفي اليوم الذي تشعر فيه أنّك لم تعد تستطيع أن تتحمّل، نطلب منك أن تضرب على الطاولة، ونحن مستعدون لقلب الطاولة”!

هذا الكلام لم يقل عن عبث، ولا بقصد الشعبوية أو البطولات الوهمية، بل بعد اجتماعين مطولين لباسيل مع كل من رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وكخلاصة لمرحلة طويلة من المعاناة، اختصرها الرئيس ميشال عون في مقابلته أمس بالقول إن “مساعي الإصلاح تكبلها عوائق الصلاحيات والمجتمع”… فالصلاحيات الرئاسية معروفة ومحددة بموجب الدستور، والتجييش الطائفي بالمرصاد كلما تخيل البعض نية لتجاوزها… والخطوط الحمر التي طالما رسمت حول شخصيات وارتكابات، لم تكن يوماً خافية على أحد.

مهما يكن من أمر، الطاولة قلبها الحراك قبل باسيل والتيار، والرئيس عون قال أمس: انا معني بمطالب الحراك وهي محقة، وفي الواقع “انا عم فتش علين ليدعموا معركة مكافحة الفساد وتحقيق الاصلاحات”.

كلام بالغ الايجابية قاله رئيس البلاد في مقابلته أمس. لكن التحريف والتشويه كانا جاهزين، تماماً كبلوكات الإسمنت والإطارات وشاحنات الاتربة، التي اعادت مصادرة الحراك الشعبي لمصلحة الميليشيات… ميليشيات، بعض قادتها الذين مضى عليهم في السلطة أربعون عاماً وأكثر، باتوا يعتبرون أنفسهم من رموز الثورة، وبعض الثوار يتهافتون لالتقاط السيلفي معهم بمناسبة أو من دون، ويفتحون لهم الطرق المقفلة على المواطنين، فيما رئيس البلاد الذي بالكاد مضت على انتخابه ثلاث سنوات، يحمَّل أوزار عقود من الفشل الذي كان له هو بالذات بالمرصاد.

على كل حال، الاحتجاجات مستمرة، وكذلك المشاورات. واليوم، واصل الموفد الفرنسي جولته على المسؤولين، في وقت ساد التضارب حول المعطيات الحكومية.

اما التيار الوطني الحر الذي حوله البعض بين ليلة وضحاها الى المتهم الأول بكل مصائب البلاد منذ إنشاء لبنان الكبير عام 1920 إلى اليوم، فاعتبرت مصادره عبر الـ OTV أن تشويه كلمة الرئيس عون وردّة الفعل المحضّرة سلفاً والمبرمجة تدلّ على النوايا الاساسية برفض كل شيء وتعطيل المؤسسات وتخريب الدولة… لكن مع ذلك، تابعت اوساط التيار، لا بد من خفض حدّة الخطاب و الرّد على اي كلام منطقي بايجابية لجهة التمسّك بالدولة بغضّ النظر عن النوايا، فنحن الحريصون على السلم وتجنب اي عنف او فوضى او فتنة.

ولفتت مصادر التيار عبر الـ OTV الى استمرار التواصل مع الافرقاء المعنيين بتأليف الحكومة واستكمال الحل الذي تبلور ايجابياً في الايام السابقة للانتهاء من التكليف وتأليف حكومة انقاذ والانصراف الى قضايا الناس المحقة معيشياً واقتصادياً ومالياً، و السير بالحل الذي يجمع الكتل والحراك ولا يعزل احداً..

 

LBCI

 

وفي اليوم الثامن والعشرين على الإنتفاضة، يمكن القول إنه اليوم الأكثر توترًا والأكثر حدَّة، منذ اندلاع الإنتفاضة في السابع عشر من الماضي، فماذا حدث؟ ولماذا ارتفع هذا المنسوب من التوتر ومن غليان الشارع وكأننا في اليوم الأول؟

أسبابٌ سياسية وأسباب ميدانية: في السياسة، يبدو أنّ المقابلة التلفزيونية لرئيس الجمهورية أمس، قد تلقفها الشارع بسلبية، فما كادت المقابلة تنتهي حتى بدأ إقفال الطرقات، وما إن انتصف الليل حتى كانت معظم الطرقات مقطوعة.

انقسمَت الآراء في مضمون المقابلة: فمنهُم مَن رأى أنّ المضمون تحدّث عن مؤشرات إيجابية، ومنهم مَن رأى أنّها لم تحمل جديدًا لا على مستوى موعد التكليف، ولا على مستوى صورة التشكيلة.

في السياسة أيضًا، كان تعثُّر إعلان موعد استشارات التكليف ثم التأليف، واحدًا من الأسباب التي أججت الشارع الذي اعتبر أنّ هناك مراوحة واستهلاكًا للوقت, في وقتٍ تعيش البلاد أزمة كبيرة غير مسبوقة.

ترافق ذلك مع حربِ تسريبات تتعلَّق بالشخصية التي ستُكلَّف بتشكيل الحكومة وشكَّلت حرب التسريبات هذه تبادل رسائل عبر الإعلام: فما أن تُطلّق تسريبة من مقر معنيٍّ بالتكليف، حتى يعمد مقر آخر إلى الرد بتسريبة، وهكذا مرّ النهار على كمٍّ من تسريبات يمكن أن يُستَخلَص منها ما يأتي: لا تقدُّم على صعيد التكليف، والأمورُ ما زالت في المربَّع الأوّل.

في الأسباب الميدانية، كان سقوط علاء ابو فخر الذي اعتُبِر “شهيد الثورة”، الشرارة التي ألهبت الشارع من الشويفات إلى سائر المناطق اللبنانية، وكان لافتًا جدًا أن كلّ منطقة رأت في علاء أبو فخر شهيدها، وجرى التعبير عن ذلك سواء برفع صور الشهيد أو بإضاءة الشموع. وتُستَكمَل إجراءات التعاطف غدًا من خلال المأتم الوطني الذي سيُقام للشهيد.

دبلوماسيًا، واصل الموفد الفرنسي، لليوم الثاني على التوالي لقاءاته في بيروت، وفي حصيلة هذا النهار: استماع واستطلاع من دون صدور أي موقف، ويبقى من الزيارة يومُ غد حيث يُنهيها الدبلوماسي الفرنسي بإعداد التقرير الذي سيرفعه الى الرئيس ماكرون..

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *