جوزيف أبي ضاهر “الديك الثائر”

Views: 703

سمر الخوري

في قديم الحكايات، أن حاكم مدينةٍ تبعَ هواه في الباطل من الأعمال.

أنفق ما جُمعَ من مالٍ في الخزينة على رغبات وشهوات، حتّى إذا فرغت الخزينة قامرَ برهن إهراءاتِ قمح كانت تموّن مدينته والمدن المجاورة… وخسر كلّ شيء.

مدَّ الجوع رأسه إلى أبواب البيوت.

كُشفَت معاجن الخبز على فراغ. بكى الصغار وهاج الكبار.

طوَّقت الأصواتُ المحتجّةُ أسوار القصرِ…

                                     (جوزيف أبي ضاهر “ديك الثورة”)

 

***

وما أشبه الأمس باليوم!

مسؤول يسرق لقمة جوع الفقراء.

متزعِّم يمطر الحقد على شعبه ساعة يشاء.

والشعب يهتف له بطول العمر. يكيل له المديح: بالروح بالدم نفديك يا زعيم الزعماء.

والزعيم يزعم أنه الإله. ليس في الفُللْك سواه. يتربع سعيدا على كرسيّ الأمراء. ويسجد، في الخفاء، لحذاء غادة سمراء. 

في قديم الحكايات ديك يصيح. يعلن الصبح الصريح، بلا رياء.

والديك يبحث عن سنبلة أفرغها المتزعِّم من مضمونها، وجعلها خطبة عصماء. سنبلة تبحث في صحراء وَجْدِها عن ماء.

لم يعد في أهراء الفقراء سنابل. أهراءاتهم اختلط فيها الحابل بالنابل. ومات فيها رغيف الأنبياء.

أيّ نبي أنت أيها الديك  المثقل بالقمح؟

كيف سمحت لنفسك أن تداوينا بالجرح؟

رقصت على أدراج الصرح. رفضت السجودَ لأصنام الملح. واحتضنت  في صباحك صخرة الشعراء.

والصخرة تتدحرج من جديد، في عالم من صديد. 

أيها الديك السعيد. ما لك ترفل في القيود؟ ترتدي البوحَ أسمالَ الجليد. تصيح في وجه الباطل ولا تحيد. صياحك اليوم ضمير الفجر في مواجهة الظلماء.

أضاعوك… وأي ديك أضاعوا؟ يجوع في يدك اليراعُ. بئس ما أعلن المذياعُ: أنك الداء، صنيعة الأعداء.

خسر الشعب الطعام، واضطر إلى الصيام. . على عنقه  اللجامُ. في يده الجامُ، وفي فمه الماء.

جاع الشعب وقيل لن يجوع. ويستجدي الحاكمَ الرجوع. كيف ينام الحاكمُ ونحن جياع؟ كيف لا يمكنه الانصياع، ونحن نضيء له الشموع، في جنتنا البلهاء، بلا انتهاء؟

مد الجوع رأسه… أعلن الشعب يأسه. نمت في  غيض وجهه البثور. فكيف لا يثور؟ وكيف لا يروي الأرض بالدماء؟

 معاجن الخبز في فراغ. فراغ حتى في الدماغ. أصبح الخبز جنة سليبه. إلى متى يحمل الشعب صليبه، ويستسيغ الخواء؟

أيها الديك الثائر، في غربة البصائر، يا حصرم الحُبّ في العنقود، لعلك الثورةَ تقود، فتصبحَ القائد والرجاء.

جوزيف أبي ضاهر، أيها الغضب القاهر، ديك حكاياتك الصغيرة ليس حكاية تروى للصغار. إنه الثورة الحلم  المكلل بالغار، ، تقول للصباح النائم في ظلمة الغار: إلى اللقاء.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *