فينيق

Views: 1107

سلمان زين الدين

 

 

   زَحَفَ المَغولُ على المَدينَةِ،

ذاتَ ليلٍ،

واستباحوا حُرْمَةَ الأرضِ الحَرامْ

فَتَلفَّعَتْ بغدادُ بالصَّبرِ الجَميلِ

وَأطْلَقَتْ في جَوِّها المَشْحونِ

أسْرابَ الحَمامْ

لكنَّهُمْ عاثوا خَرابًا في المَكانِ

وَأَعْمَلوا التَّمثيلَ في جَسَدِ الزَّمانِ

وَأَسْفَرَتْ عن سُمِّها أفْعى البَداوةِ

مَرَّةً أُخْرى

ولم يَشفَعْ لبغدادَ الجَميلَةِ صبرُها

وَحَضارةٌ أهدَتْ إلى الدُّنيا

مَفاتيحَ السَّلامْ.

   شَنَّ المَغولُ هُجومَهُمْ

في غَيْهَبِ اللَّيلِ البَهيمْ،

في غَفْلةٍ منْ سُلْطَةٍ

أرْخَتْ لِعَيْنَيْها عنانَ النَّومِ

في الكهفِ القديمْ

 

أرْخَوا أعِنَّةَ حِقْدِهِمْ

وَمَضَوْا يَشُقّونَ العِصِيَّ

على المَدينَةِ والنِّظامْ

لمْ يَثْنِهِمْ عن غِيِّهِمْ

وَضَحُ النهارِ

ولمْ يُخَبِّئ فِعْلَهُمْ

حَلَكُ الظَّلامْ

حتّى إذا نَكَصوا على أعْقابِهِمْ

تَرَكوا المَدينَةَ خَلْفَهُمْ

قاعًا يَبابًا صَفْصَفًا

تَتَجَرَّعُ الزَّحْفَ الزُّعافَ

وحيدةً

وَتُعاقِرُ الكأسَ التي

اتَّرَعَتْ قذًى حتّى الجَمامْ

لكنَّ بغدادَ الأبيَّةَ

تَنْفُضُ الصَّحْراءَ عنْ واحاتِها

وَتَقومُ منْ بينِ الرُّكامْ

 

   ذَهَبَ المَغولُ بِقَضِّهِمْ وَقَضيضِهِمْ

وَبَقيتِ يا بغدادُ فينيقًا

يُحَلِّقُ كُلَّما جُنَّ الظَّلامْ

الخميس، في 28 / 11 / 2019.

Comments: 1

Your email address will not be published. Required fields are marked with *

  1. كم هو رائع ما كتب ..للأستاذ سلمان .
    لكن غاب عن هذه القصيدة الفاعل الأساسي في تدمير بغداد مرة على يد الطاغوت الإميركي ومرة أخرى على يد النظام الإيراني الفارسي الحاقد .