الثورة السوبر مستقبلية

Views: 860

حسن عجمي 

الثورة السوبر مستقبلية هي الثورة التي تتكوّن في المستقبل على ضوء القِيَم الإنسانوية. فالسوبر مستقبلية تقول إنَّ التاريخ يبدأ من المستقبل ولذا تُعرِّف المفاهيم والحقائق والظواهر من خلال المستقبل. من هنا تُحلّل السوبر مستقبلية الثورة من خلال المستقبل بقولها إنَّ الثورة قرار إنسانوي مستقبلي حيال النظام السياسي والاقتصادي الأفضل. والقرار الإنسانوي هو القرار الذي يُتخَذ على أساس القِيَم كقِيَم الحرية والمساواة والسلام والتطوّر. بذلك الثورة الحقيقية هي ثورة القِيَم فتتضمن بالضرورة قِيَم العدالة المتمثلة في الحرية والمساواة والسلام وحق كلّ فرد في أن يتطوّر اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً. ولذلك تهدف الثورة الحقة إلى تحقيق هذه القِيَم التي تضمن بناء إنسانية كلّ إنسان وتكفل تطوّره المستمر فسيادة السلام. لا ثورة بلا مستقبل ولا مستقبل بلا ثورة.

قرار إنسانوي

بما أنَّ الثورة قرار إنسانوي مستقبلي، إذن لا تتشكّل الثورة سوى في المستقبل. وبذلك لا بدّ من استمرارية الثورة لكي تتحقّق فعلياً وإلا لن تكون ثورة مستقبلية. من هنا الثورة عملية تطوير مستمرة لأدوات ومضامين التغيير والتغيّر. ولذلك من الضروري أن تستمر الثورات العربية بشكل دائم ومتتالٍ من أجل انتصار الثورة الفعلية في المستقبل. هكذا الثورة السوبر مستقبلية تضمن استمرارية الثورةلأنَّ الثورة الحقيقيةلا تتحقّق سوى في المستقبل. مَن لا مستقبلٌ لديه لا حاضرٌ ولا ماض ٍ له.

بالإضافة إلى ذلك، بما أنَّ الثورة قرار إنسانوي مستقبلي كما تُؤكِّد السوبرمستقبلية، إذن لا ثورة بلا مضامين ومبادىء إنسانوية كمبادىء الحرية والسلام والمساواة والانصاف الاقتصادي. بذلك ينجح مفهوم الثورة السوبر مستقبلية في التعبير عن ماهية الثورة الحقيقية والحقة الكامنة في هدفها الأساسي ألا وهو تحقيق سيادة القِيَم والحقوق الإنسانية كحق كلّ فرد في أن يكون حُرّاً وأن يحيا في سلام.على ضوء هذه الاعتبارات، من الضروري أن تستمر الثورات في العالَم العربي بمشرقه ومغربه بشكلها السلمي ومضمونها الإنسانوي الداعي إلى احترام الحريات وتفعيلها على أسس المساواة بين المواطنين والانصاف الاقتصادي القائم على الافادة الاقتصادية للأقل حظاً في المجتمع ما يؤدي لا محالة إلى السلام الأهلي. من هنا الثورة السوبر مستقبلية الإنسانوية ثورة سلام وحرية كما هي ثورة إنصاف ومساواة. فلا سلام بلا حرية ومساواة ولا حياة بلا سلام.

الحرية الحقيقية

الثورة السوبر مستقبلية غير مُحدَّدة بِدين معيّن أو طائفة معيّنة وغير مُحدَّدة بأيديولوجيا سياسية أو اقتصادية معيّنة لأنها تتشكّل فقط في المستقبل (على ضوء قراراتنا الإنسانوية) والمستقبل غير مُحدَّد. بذلك الثورة السوبر مستقبلية تؤدي إلى التحرّر من العقائد والمعتقدات والسلوكيات المُحدَّدة مُسبَقاً ما يضمن الحرية الحقيقية. هكذا الثورة السوبر مستقبلية ضمانة التحرّر من المعتقدات والسلوكيات الماضوية ما يدفع نحو التطوّر من خلال بناء أنظمة فكرية وسلوكية جديدة خالية من أكاذيب الماضي وسجونه وصراعاته. فالثورة السوبر مستقبلية هي السبيل إلى السلام الحقيقي لكونها تحرّرنا من فِتَن الماضي وحروبه من خلال تحريرنا من يقينيات الماضي التي أدت وما تزال تؤدي إلى الصراعات والحروب الأهلية في عالَمنا العربي. لا سلام بلا فكر سوبر مستقبلي قائم على التحرّر من خداع الماضي المُتخيَّل. 

إن كانت الثورة قراراً إنسانوياً مستقبلياً وعلماً بأنَّ القرار الإنسانوي يتخذه الإنسان فيتكوّن من قرارات الأفراد على ضوء القِيَم الإنسانية فحينئذٍ الثورة الحقيقية معتمدة في تشكّلها على القرار المستقل والحُرّ لكلّ فرد ما يضمن استقلالية كلّ فرد وحريته. هكذا لا ثورة بلا ثورات مستقلة يتميَّز بها كل فرد عن آخر فتتعدَّد الثورات ونماذجها ومضامينها ضمن الثورة نفسها ما يكفل حضور التعدّدية الفكرية والسلوكية فلا حرية بلا تعدّدية السلوكيات والعقائد. من هنا الثورة الحقيقية ثورات متنوِّعة ومتعدِّدة تضمن بالضرورة استقلالية وحرية كلّ ثوريّ. فلا حرية بلا اختلاف وتنوّع ولا ثورة بلا ثوّار مستقلين وأحرار.

***

الثورة الحقيقية هي الثورة السوبر مستقبلية فلا ثورة بلا قرارات إنسانوية مستقبلية. لذلك تبدأ الثورة من المستقبل وتتحوّل تدريجياً إلى ثورة في الحاضر. مَن لا يبدأ من المستقبل لا يبدأ أصلاً. فالثورة السوبر مستقبلية تبني الإنسان السوبر مستقبلي الذي يولد في المستقبل مُتحرِّراً من خداع الماضي وقيوده ومُنتِجاً للحاضر والماضي على ضوء قِيَمه الإنسانوية التي سوف يصوغها في المستقبل. مَن لا يولد في المستقبل لا يولد أبداً. 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *