كيف تبقى الثورة نقية؟

Views: 17

خليل الخوري 

ليؤذن لنا أن ننظر بريبة إلى مسلسل الأحداث التي «طرأت» على الثورة في محاولة للإساءة الى الثوار قبل غيرهم من طوابير (خامسة أو سادسة أو ما شئت) تحاول أن تتسلّل، وقد تسلّل بعضها بالفعل الى صفوف المواطنين من أجل حرف الثورة عن أهدافها النبيلة والاتجاه بها الى مكان آخر بعيد جداً في مضاره والتداعيات.

حتى طرابلس الفيحاء، «عروس الثورة»  أُريد لها أن تلبس ثوباً ملطخاً بالتجاوزات. في وقت  قدّمت عاصمة الشمال أبهى صورة عن الانتفاضة السلمية البهية النقية التي أشاد بها وأعجب بها الإعلام العالمي في مختلف أنحاء المعمورة.

وكذلك ليؤذن لنا ألاّ نصدق أن بعض الخروقات والتعديات والإشكالات الأمنية على الرينغ – الخندق الغميق وحرق شجرة الميلاد، والهجوم على مقر إقامة سماحة مفتي الشمال الشيخ مالك الشعار، ورفع شعارات ضدّ سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وأيضاً التعرض للمقامات والرموز الدينية (…) أن هذه كلها هي مجرّد مصادفة وتوافق في الزمان الواحد! ويجب أن يكون المراقب على قدر كبير من الغباء كي يصدّق ذلك. وبالقدر ذاته يجب أن يكون المرء في ذروة السذاجة ليقتنع بأنّ  هذه الثورة التاريخية النقية لا تسعى أطراف عديدة الى استغلالها … وبالرغم ممّا شاهدنا ولمسنا من وعي وإدراك كبيرين فإن المحاولات لم تتوقف…

ولكن، من أسفٍ، أنّ هناك من ينقاد الى الغرائز التي يوجهها مغرضون ومندسون. ومن أسفٍ أيضاً أنه أجيالاً من الشباب والشابات الذين دفعهم وضعهم الاجتماعي الى الساحات والميادين والطرقات لا يعرفون معنى الفوضى والحروب عندما تفلت التطورات من كل عقال.

إنّ هؤلاء سمعوا، بالتأكيد من الأهل، عن تلك الأيام السوداء التي عاشها جيلنا وجيل آبائنا منذ العام 1975 حتى أوائل تسعينات القرن العشرين الماضي… وكيف أهدرنا عمر الشباب في الحروب وشريعة الغاب. كما افتقدنا ذلك اللبنان الجميل الرائع الذي كان، لتقوم على أنقاضه البشاعات كلها وهذا الكم الكبير من الفساد والفوضى والتخلف الذي حوّل وطناً كان رائداً في محيطه وقد وضع إحدى رِجْلَيهِ في العالم الأول… لنعود الى قعر القعر، فيصح فينا قول الصحافي المرحوم رشدي المعلوف: «ما عدنا نخشى السقوط لأنه لم يبقَ تحتنا تحت»!

إنّ الماضي الأليم طويناه… نقصد ماضي الحروب والانفلات والفوضى والقصف العشوائي ومشئية الميليشيات. وإننا لعلى يقين بأنّ  الثوار سيعملون  المستحيل لينقوا صفوفهم من المندسين والطارئين على الثورة… ونعترف بأنّ المهمة ليست سهلة إذ أن أصحاب المخططات لن يستكينوا ولن يرتدعوا.

ومع ذلك يبقى الأمل كبيراً خصوصاً عندما نرى ردّة فعل المواطنين الصادقة على كل تجاوز. في أي حال: «فلتكن إرادة الشعب فوق كل إرادة».

(https://brownshvac.net)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *