قصيدة وتعليق

Views: 487

سمر الخوري

 

في البال رواية…

ارتفعتِ الحجارةُ هناك،

بقيتُ هنا،

أحكي رواياتي،

أسردُ حكاياتي،

لماذا نسيَ أحبتي حضوري،

وكلماتي،

وبطولاتي؟

وحيدًا أبقى بلا ذاكرةٍ

أضيعُ في ليالي البردِ

في بقايا القصصِ

وأفئدةِ السّردِ.

د. جان توما

 

غربة الفارس

بين ال هنا وهناك يرسم الأديب الدكتور جان توما وصيته الأخيرة، رواية الذكريات العجاف، في عالم بارد حتى العظام.

ارتفعت الحجارة هناك، في شوارع الغضب والجنون. حجارة ترجُم الأنبياء والمرسلين. حجارة القلوب الباردة حتى الأعماق. ارتفعت الحجارة لينحدر الإنسان الإنسان إلى دركات الفوضى غير الخلاقة.

وبقي الأديب في مكانه، هنا، في عالم الروايات والحكايات السندبادية العطور. عربة مهملة هجرها الحوذي، وانكسرت فيها العجلات.

هي حكايات متقاعد يموت قاعدا ، وتسدل الستارة في مسرح العطاء.

ولكن طائر الفينيق لن يموت. وإن مات فمصيره الانبعاث من الرماد مرات ومرات.

التقاعد ليس نهاية الحياة. ولكن الغربة أقسى من الغياب. ووحدة الروائي، خارج روايته، منبع للكثير من الجراح.

لا يا صديقي الأديب، لم ننس قصصك والروايات. ما زال سردك حيّا في عروق فضائنا الحياتي، ورؤيتنا للعالم.  وما زالت المسرحية تبحث عن بطلها الشقي اللهفات.

حضورك النسيم في صحرائنا القاحلة.

كلماتك الموج في بحار الذكريات لا تنفك تصارع الشطآن، في معركة الهوية الحضارية.

أحِبَّتُك اليوم ، وإلى الأبد، يترسّمون خطاك في أحلام العذارى والسنابل.

أحِبَّتُك مدينتك المضمخة بالذكريات الحالمات، في خيالات الدوري، على قرميد السطوح العاشق.

أحِبَّتُك قناديل بوح مضيئة، أزقة مدينتك التي تسامر قمرها المصاب بالأرق اللذيذ.

وحيد أنت، بل فريد ليس لك نظير، في حكمة الماضي وعندلة الحاضر الهاجع على شرفات الألوان.

فريد لأن ذاكرة المكان لا تسع انطلاقة الروح في أزمنة بلا حدود.

وحيد لأن الناظرين إلى النور، اليوم، يحدّقون من وراء ستارة النسيان، والظلال، والتلال.

سيدي الأديب الأريب، ضائع أنت في بحثك عن المحبة، كما الجلجامش في بحثه عن عشبة الخلود. ولكنّ العشبة في الأعماق، وفي الأحداق.

سردك الفضّيّ يبحث عن حبكة، عن موقف أخير. وفي فؤاد السرد عطش إلى السؤال:من أنا؟ ومن أكون؟

ولا جواب إلا شعلة القدر…والمنون .

لا جواب على وحدتك في عالم الضجيج.

وحيد أنت لأنّ سلاحك الحبر وسلاحهم الحجارة من بقايا ذواتهم الركام

وحيد أنت لأن المغول هدموا دار الحكمة ، وحوّلوا كتب السرد والتاريخ إلى رماد ، وأحرقوا الورد في الأكباد  والأكمام .

أيها السارد البطل الهمام، عجيب كيف تَحَوّل جسّاس إلى بطل مقدام، وفخر الدين إلى خائن بلا مقام، وأصبحت مقامات الرجال كالأيتام على مائدة اللئام.

سردك الحرّ لنا النبراس، وإبداعك الآس بلا مقياس. فاهنأ على عرش قلوبنا، خمرة في عرس قانا، ملتقانا، سنبلة ملأى بالحَب والحُب، في بيدر الإحساس.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *