الشتاء يصارع ذاته
جوزف أبي ضاهر
يتسكّع الشتاء في الشوارع، حاملاً معطفه على ذراعه الأيسر. أما يده اليمنى فمنهمكة برد التحيّة للمارة.
2
قرأ هواء الشتاء على الناس كلامًا قاسيًا، فتفرقوا، وتركوه وحيدًا يصارع ذاته.
3
دخل هواء الشتاء إلى الغابات حاملاً مزمارًا سحريًّا، طربت الأشجار لصوته وأنغامه، رقصت فأغرته،
ما عاد خرج من الغابة وقد بُحّ صوته.
4
لهواء الشتاء في المدينة نكهة، تضطرب الشرايين لها، نكهة تلوذ بالحلق وهمًا…
يتبدّد، قبل أن يتصاعد اللهاث من بين الشفتين.
5
هواء الشتاء في الجبل من فصيلة الذئاب. صوته في الليل ينخر العظام…
وفي النهار يهرب إلى الشجر فيتعارك معها.
6
نظر الشتاء في كفِّ التراب وحزن. لن يكون هو نفسه «سيّد» الزمن الآتي.
7
كشفت الريح عن شعرها فسمعنا الرغبة تقرع الأجراس. وشاهدنا خجل الناس يقفل الشبابيك.
8
فَرَكَ الفلاحُ يديه بمعطف الهواء… ونظر إلى السماء. أما الغني فوضع يديه داخل معطفه… وتأفف.
9
أشعل الشتاء نار المدفأة. هجمت النار على اليباس صارخةً راقصةً.
فَرَكَ طالب الدفء يديه: ما أجمل صوتها.
10
ينام القمح شتاءً على رجاء القيامة.
Email: [email protected]