قصيدة وتعليق

Views: 507

سمر الخوري

 

بماذا سأجيب؟…

          بقلمي…

بماذا سأجيب إن سألوني عنك يوماً…

إن سألوني : من يسكن بين قصائدي وحروف أبياتي؟…

هل أعطيهم عنوانك الذي يسكن في قلبي؟

أم تاريخ حبّك المسجّل في صميم فؤادي؟

…هل أقول لهم إنّك في كلّ مسام جسدي…

أتنفّسك من خلال روحي؟

هل أقول لهم أنّك في كلّ تنهيدة ونبضة من قلبي…

هل أبوح للقمر والشّمس بأنّك أنت نوري…

وبأنّني أتنفّس الهواء الذي ترسله لي أنفاسك…

أم أقول بك بدأت حياتي؟

…توالي أيّامك سُجّلت في دفتر ذاتي …

وكلّ حكايا العشق تليق بك يا ساكن الروح…

وقلبي يحلّق في سمائك…

وكلّ فكري أنت…

لأنّ سهم حبّك تعمّق في مملكة قلبي…

فنبت في تربته ربيعاً خلّد حبّنا!!!…

الشاعرة ناهده الدغل معوض

 

بماذا سأجيب؟ قصيدة للشاعرة ناهده الدغل معوض . عنوانها سؤال يذكرني بقصيدة الشاعر نزار قباني: ماذا أقول له؟

تساؤل، بل تساؤلات ، هي تجاهل العارف، تبوح فيها الشاعرة بما لا يقال، حتى في السؤال. وتنتهي القصيدة بالاعتراف الكبير: الحب، تماما كما امرأة نزار:  إني ألف أهواه..

لن أقارن بين قصيدتي ناهدة  ونزار. أكتفي بالقول: لقد أجاد نزار في وصف مشاعر المرأة حين تكلم على لسانها، في قصيدته. وأجادت ناهدة حين استعادت رسالة المرأة إلى حبيبها، مستعملة الخطاب المباشر، عبر ضمير أنت، ومخاطبا غبر مباشر هو العزال.وهذا هو مقياس الحب الشرقي الذي يضيق فيه العزول على المحبين، ويحصي عليهم حتى الأنفاس.

هي العلاقة تصورها الشاعرة عبر الضمائر:

أنا +هم+ أنت في سبعة أبيات أولى من بداية القصيدة. وحين اكتمل الشوق والتوق، اختفى ضمير “هم” ليظهر الشاهد/ الطبيعة: القمر والشمس. رمزان كونيان يؤكدان أن حبها تجاوز الأرض إلى السماء، وتجاوز الزمان الأرضي إلى زمان مطلق.لم تعد ترى العزال فباحت بحبها صباح مساء. وبدأت حياة الشاعرة. في البدء كان الحب، وكانت القصيدة، وكان البوح.

وكأن الحبيب اكتسب بعدا إلهيا، في بوح الشاعرة الدغل، فأصبح هو النور، وهو الهواء، أوكسيجين حياتها، لا تتنفس إلا به، ومن خلاله. هو ساكن في روحها. قلبها يحلق في سمائه، وهو كل فكرها. إنه كيوبيد، الإله الإغريقي الذي أصابها في قلبها بسهم حبه. فهبط قلبها من سماء الحلم إلى أرض الواقع، حيث أزهر ربيع حبهما الخالد. وكان اللقاء في ضمير الجماعة “نا” عندما اتحد القلبان.  أيكون الربيع المقصود ثورة على العزال، وعلى المجتمع الشرقي الذي يفرض على المرأة الصمت، وكبت المشاعر، أم أنه ربيع أدونيس الشرقي، في انبعاثه والخلود؟

هي أسئلة برسم بوح الشاعرة التي أجابت قلبها، واعترفت أن المرأة فيض من نور الرجل، قبس من مشاعر تصل الأرض بالسماء. تشتاق إلى رجلها كما جاء في الحكم الإلهي، يوم الطرد من الفردوس: وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».” (تك 3: 16)

صديقتي الشاعرة معوض، رسالتك النزارية وصلتنا، مضمخة ليس بالحب وحده، بل بطقوس العبادة. فهل يكون الحبيب المقصود هو الله؟ وهل أجبت حقا عن السؤال الذي طرحته في العنوان؟ هو سؤال يرتبط ببعدين أحدهما افتراضي والثاني مستقبلي، قد يصل بنا إلى ما بعد الحياة، إلى اللقاء في الجنة المشتهاة، حيث لا حب ولا وجه إلا وجه الله، ولا أحد سواه.

بماذا ستجيبين؟

لقد أجاب عنك القلم، والقلب، حيث لا ألم ولا صلب، بل خلود في الحب ، وفي الرب، لأنه قدر مكتوب لا في دفتر ذاتها والشعر فحسب، بل  في كتاب الذات الإلهية.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *