مجلس كنائس الشرق الأوسط: تصاعد التوترات في المنطقة يستدعي العمل للسلام

Views: 860

 عقدت اللجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الأوسط اجتماعها الدوري في لارنكا – قبرص، على مدى يومين، بين 21 و22 كانون الثاني الجاري، وبضيافة رئيس أساقفة يوستنيانا وسائر قبرص للكنيسة الأرثوذكسية في قبرص خريسوستوموس الثاني، بمشاركة أعضاء اللجنة التنفيذية من قبرص، مصر، سوريا، لبنان، العراق، الأردن وفلسطين.

عقد الاجتماع برئاسة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس ورئيس المجلس عن عائلة الكنائس الأرثوذكسية يوحنا العاشر، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع ورئيس المجلس عن عائلة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية مار اغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك بابل على الكلدان ورئيس المجلس عن عائلة الكنائس الكاثوليكية الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو، ورئيس الإتحاد الإنجيلي الوطني في لبنان رئيس المجلس عن عائلة الكنائس الإنجيلية القس الدكتور حبيب بدر.

وأوضحت اللجنة في بيان أن “الاجتماع يأتي في خضم الأحداث الدامية والأليمة التي تعصف بأوطاننا المشرقية، وإن أعضاء اللجنة التنفيذية يدركون مقدار المعاناة والآلام والتحديات التي تمر بها شعوب المنطقة بمن فيهم أبناء الكنائس. وقد تأملوا في سر المحبة الإلهية وعطف الرب يسوع المسيح ومحبته للبشر المنقطعة النظير. وهم يناشدون المسيحيين في الشرق الأوسط التمسك بإيمانهم والتشبث بالرجاء لأن الله حاضر بيننا ويساندنا، ويشركنا بحياته الإلهية. وهم يدعون الكنائس الأعضاء في المجلس الى تعزيز حضورها الى جانب كل إنسان متألم مهجر، نازح ومهاجر، فقد أحباءه أو ممتلكاته من جراء العنف والحروب لكي تبقى الكنائس أيقونة العطف الإلهي والرحابة”.

بعد الصلاة الإفتتاحية، واستعراض جدول الأعمال والموافقة على محضر اجتماع اللجنة التنفيذية الذي عقد في مقر بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس (العطشانة/ بكفيا – لبنان/ 22-23 كانون الثاني 2019)، إنطلقت النقاشات في اليوم الأول في محاور التجدد الروحي، والتحديات المسكونية والجيوبوليتيكية وحوار الأديان، بالإضافة إلى “آفاق التطوير المؤسساتي للمجلس وإعادة تمكينه بعد الأزمة التي مر بها، بما يعزز توجهاته الاستراتيجية إعدادا للجمعية العامة الثانية عشرة”.

وخصص اليوم الثاني لمناقشة تقرير الأمينة العامة الدكتور ثريا بشعلاني الذي يتضمن “الإنجازات التي حققها المجلس عام 2019 والآفاق المستقبلية، واستعراض تقارير الدوائر السنوية بالاضافة الى التقرير المالي”.

وأكد المجتمعون في بيانهم الختامي “تعزيز التعاون المسكوني في ما بين كنائس الشرق الأوسط في المجالات اللاهوتية والخدمة الاجتماعية والاعلامية بما يثبت خيارها في الوحدة للشهادة ليسوع المسيح القائم من بين الأموات”.

وأفاد البيان بـ”رفع الصلاة من أجل كشف مصير صاحبي السيادة والنيافة المطرانين بولس يازجي ويوحنا ابراهيم، المخطوفين منذ نيسان 2013″، مناشدين “الضمير العالمي العمل لعودتهما سالمين ليتابعا رسالتهما من أجل بناء السلام وكرامة الانسان”.

وقال: “تصاعد التوترات في الشرق الأوسط والعالم العربي، يستدعي الصلاة والعمل من أجل السلام وبناء مبادرات تهدف الى مواجهة موجات التطرف، بما يحمي سلام المجتمع وكرامة الإنسان، ويؤمن مسالك حكيمة وحوارية لحل النزاعات في رفض للعنف والحرب”.

ولفت الى أن “ما يشهده العراق من تحرك شعبي، يستدعي المساهمة الحثيثة في تحقيق العدالة الإجتماعية، والنزاهة الإقتصادية، والحوكمة السليمة والسيادة الوطنية، وتمتين مبادئ المحاسبة والمساءلة ومكافحة الفساد من خلال قضاء نزيه”.

وأشار الى أن “معاناة الشعب السوري المتفاقمة تستدعي بذل كل الجهود وفي كل المجالات، لرفع الحصار عنه ودعم مسار استتباب الأمن وبنيان السلام، كما العمل الجاد لتوفير مقومات عودة المهجرين واللاجئين الى أرضهم”، مثمنا “جهود المملكة الأردنية الهاشمية، بما أؤتمنت عليه من رعاية على المقدسات المسيحية والإسلامية في القدس الشريف، في تدعيم صون الوجود المسيحي بالتعاون مع الكنائس، كما تثمير الحوار المسيحي – الاسلامي والعيش معا بالمواطنة”.

أعلن المجتمعون أنهم واكبوا “بالصلاة حراك الشعب اللبناني السلمي المحق لاستعادة عيشه الكريم من خلال محاربة الفساد والمطالبة بإدارة سليمة لمقدراته، بما يعيد الى وطن الرسالة دوره الحضاري نموذجا في التلاقي على الخير العام، ومثالا في الحرية المسؤولة”.

وعبروا عن دعمهم “كل الجهود الآيلة لإعادة الوحدة الى جزيرة قبرص بما يلم شمل الشعب القبرصي، ويعزز السلام الإقليمي والدولي وينهي الاحتلال الذي أدى الى تقسيم الجزيرة”، كذلك “الإستمرار بدعم الكنائس في فلسطين، وتثمين صمود الشعب على الرغم من معاناته في ظل الإحتلال وسياسة الفصل العنصري والإستيطان، مع الدعوة الى احترام حرية ممارسة الشعائر الدينية لجميع الفلسطينيين من مسيحيين ومسلمين، واحترام الوضع القانوني والتاريخي القائم (ستاتيكو) من منطلق أن القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة”.

واعتبروا أنه “لطالما تطلع الشعب المصري الى ترسيخ مسار المواطنة بمنأى عن التطرف والانعزال، وهو يعايش في هذه المرحلة تمتينا للعيش معا بما يدفع باتجاه التأكيد على الوعي الجماعي لما تختزنه مصر من ذاكرة مليئة باشراقات العيش معا”.

وقالوا: “إن مناداة شعوب المنطقة بالمواطنة الكاملة، المتكافلة بالحقوق والواجبات والحاضنة للتنوع، يستدعي إعادة النظر بالنظم والقوانين، وهذا يثبت أن الحاجة ملحة لصوغ مسار يشدد على فهم الوحدة في التنوع، باعتبار التنوع غنى، بعيدا من الإستنفارات الطائفية والفئوية وأنواع العصبيات كافة”.

أضافوا: “إن معاينة حال الفقر والتهميش الذي تعيشه بعض شرائح شعوب المنطقة، يستدعي انكباب مؤسسات الدولة وهيئات الكنيسة، على بلورة سياسات تنموية تحفظ للفرد حياة لائقة وتسانده في المساهمة في بناء العدالة الإجتماعية والازدهار الإقتصادي”.

ودعا المجلس “المسيحيين في هذا المشرق المبارك الى التشبث بأرضهم وتراثهم وهويتهم بإيمان ورجاء، وتعزيز دورهم في ترسيخ العيش المشترك والاحترام المتبادل والتكافل الاجتماعي”.

ورأى أن “استمرار حالات اللجوء والنزوح يتطلب تضافرا للجهود مع المجتمع الدولي وعلى رأسها الأمم المتحدة كما الهيئات الدينية للعمل الجاد لعودة اللاجئين والنازحين إلى أرضهم ومساعدتهم في بلدانهم ليتأمن لهم العيش الكريمبما يحمي هويتهم وحضارتهم. كما يتطلب استمرار دعم المجتمعات المضيفة، وتوفير مقومات الصمود والحماية للاجئين والنازحين حتى عودتهم”.

وأعلن “تفعيل التنسيق والتواصل تحضيرا للجمعية العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط المقرر انعقادها بين 16 و19 أيلول 2020 في لبنان، تحت عنوان “أنا هو، لا تخافوا” (متى 14: 27)، بضيافة كريمة من غبطة بطريرك الكنيسة المارونية الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي”.

في الختام، أعرب المجلس عن ثقته بأن “كنائس الشرق لم ولن تكون وحيدة في شهادتها”، مجددين إيمانهم “بوعد الرب “ها أنا معكم كل الأيام الى إنقضاء الدهر” (متى 28: 20). ولفتوا الى أن “المسار نحو الجمعية العامة الثانية عشرة سيجسد شهادة الكنائس المشتركة ويسعى للاضاءة الواقعية والنبوية على دور المسيحيين في هذا الشرق الجريح لا سيما في النضال من أجل كرامة الإنسان، وهذا يقتضي تعاونا بين المسؤولين لتأمين مستقبل يليق بحضارة هذا الشرق وقيمه، حيث يشكل التنوع نموذجا في العيش معا”.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *