القدرات العربية الكامنة والنزاعات الظاهرة

Views: 732

العميد الركن صلاح جانبين

من مبدأ، “إعرف نفسك، قبل أن تعرف عدوّك”، فأنتَ جديرٌ بالاهتمام، قويٌّ لا يستهان في قدراتك، عزيزٌ لا تأبى الصعاب. فالقوة تكمن في الوحدة، والضعف يكمن في التفرقة؛ آن لنا أن نتوحد، وأن ننبذ الخلافات لما فيه خير البلاد العربية ومصلحة أبنائها.

العالم العربي ذو تاريخ ولغة وثقافة ودين وحضارات مشتركة، يمتد من المحيط الأطلسي غرباً إلى بحر العرب والخليج العربي شرقاً، شاملاً الدول التي تنضوي في جامعة الدول العربية في غرب آسيا وشمال أفريقيا وشرقه، وعددها 22 دولة، تقع عشر دول منها في قارّة إفريقيا، واثنتا عشرة دولة في قارّة آسيا.

قد نسمّي القدرات القتالية العربية كامنة، راكدة، هامشية، …؛ قد تكون بعيدة عن التحقيق، لكنها نظرياً واقعية؛ إمكانات يَنظر إليها العالم بخفة، حتى التحدّث بها يُعتبر استهزاءً، كيف لا وفي كل دولة صراع، بل صراعات مناطقية، وحزبية، وفئوية وطائفية و…؛ نعم، وبكل تأكيد، أنَّ لكل دولة، سيادتها التامة والكاملة على أرضها، فقد تحرّرت من العبودية والانتداب، واستقلّت، لكن بنظر شعوبها لا يزال الاستقلال كالأحلام بعيد المنال، لا يتحقّق، لا بل مستحيل التحقيق.

فمنذ نعومة أظفارنا، ونحن نسمع بالأمة العربية الواحدة، والقمم العربية، والدول العربية واجتماعاتها الطارئة، والعشائر العربية، والنخوة العربية، والتآلف واللغة الواحدة، والعادات والتقاليد التي تصب في هدف واحد؛ لكن لماذا لا نتوحّد، وتتوحّد معنا القدرات القتالية العربية، وهي متاحة؟ ومن يمنع العرب على التوحّد في سبيل قضاياه المحقة؟ ومن يسعى إلى تفرقة الأمة وتقسيمها إلى أجزاء، وكل جزءٍ يعتبر نفسه الدولة ضمن الدولة؟ أين هي القوة، والتماسك والدفاع العربي المشترك؟

أهي القدرات المعجزة؟ أم هي القدرات الخيالية، التي قد تقودنا إذا ما تحقّقت إلى الشموخ والعزّة والإباء؟ أو أن التحالف الغربي سيبقى سبباً للانقسام والانفصال العربي لاقتسام خيراته ووضع اليد على ثرواته؟

وحدة القدرات العربية

فهل لنا أن نتخيل، لو توحدّت القدرات القتالية العربية يوماً، كيف سيكون الوضع العربي وبأي مصاف بين الدول؟ سنسرد على وجه التقدير وبحدّه الأدنى التقريبي، الصورة التي ستكون عليها الدول العربية بقدراتها المتواضعة.

– سيكون تحت أيدي العرب قدرة مالية سنوية، تقدّر بــ “ستة ترليون دولار”، وهذه القوة المالية تجعلها في المرتبة الرابعة بعد الولايات المتّحدة الأميركية والصين والاتحاد الأوروبي، وبالتالي ستتغلّب على أي أزمة اقتصادية في العالم.

– سيحتل العرب المرتبة الثانية بالمساحة بعد روسيا، التي تُقدّر بــ 14 مليون كلم مربع، تُشكل نسبة 10.2% من المساحة الإجمالية للعالم.

– سيتحوّل العرب إلى ثالث قوة بشرية بعد الصين والهند بــ 420 مليون نسمة تقريباً.

– سيصبح للعرب جيشاً قوامه أربعة ملايين مقاتل بمختلف الصنوف القتالية.

– سيكون لدى العرب سلاحاً جوياً من الطائرات الحربية يقدّر بـ 5000 طائرة مقاتلة و3000 طائرة هليوكبتر؛ مصر(1750 طائرة)، السعودية(1200)، الجزائر(600)، المغرب(300)، ليبيا(200)، تونس(200 طائرة)، و… .

– سيكون لدى العرب 19000 دبابة و 51000 آلية حربية.

– سيكون لدى الدول العربية القدرة على انتاج 760 مليون طن من القمح، و370 مليون رأس من البقر و410مليون رأس غنم و850 مليون دجاجة سنوياً.

– سيكون لدى الدول العربية القدرة على إنتاج أكثر من 24 مليون برميل نفط يومياً، واحتياطه النفطي يعادل 55% من إجمالي الاحتياطي العالمي.

– سيكون لدى الدول العربية القدرة الإنتاجية السنوية لتوليد الكهرباء أكثر من 2 تريليون كيلو وات/ساعة، ما يضاهي إنتاج الدول الكبرى كالصين وأميركا وروسيا وأوروبا.

– إنَّ ما یوازي 65 % من احتیاطات النفط لمنظمة أوبك، تقع ضمن أراض عربية.

– لدى الدول العربية ما یوازي 30 % من إجمالي احتیاطات الغاز الطبیعي العالمي.

– تتحكّم الدول العربية فى طرق التجارة العالمیة بین أوروبا وآسیا نتیجة تحكمها التام فى قناة السویس والبحر الأحمر وبحر العرب.

تساؤلات وأضغاث أحلام 

فهل ستبقى الوحدة العربية بعيدة المنال، وأضغاث أحلام متداخلة، ومضطربة لا يُعرف أولها ولا آخرها، واليأس والاستسلام مرض يعمّ القادة والمسؤولين؟. والحقد، والكره، والجهل، والتفرقة، والأنانية، وحب الذات، والفساد، والمخدرات، والانحلال الأخلاقي والاجتماعي، وحب المال، والقتل، والتدمير، أصبحت من صفات الشعب المسكين؟.

إلى متى سيبقى الزعماء العرب يختارون شعوبهم، بدلاً من اختيار الشعوب لزعمائها؟.

إلى متى سيبقى أعداء العرب والصهيونية العالمية، تتحكّم بمصير الشعوب العربية وتعمل على تفكيكها بدلاً من توحيدها؟.

إلى متى يسلّحوننا بأثمان ندفعها، نقاتل أنفسنا، ونضرب بعضنا، وندمر أوطاننا بسلاحنا؟

إلى متى سيبقون في خلق الأزمات، والاضطرابات، والصراعات الطائفية والمذهبية والمناطقية، والعالم يتفرج علينا؛ نتراجع حتى الانهيار، ما يُسهّل السيطرة علينا وإخضاعنا؟.

متى سيتعافى الجسد العربي من السرطان الذي ألمّ به؟.

أو أنه من الصعب أن نمحو من ذاكرة المواطن العربي ما قاله المتنبي يوماً عندما سخر من أهل مصر في عصره، لأنهم كانوا يتمسكون بأشياء سطحية واهية، ويتركون الجوهر، يتمسكون بالدين والعادات والتقاليد، ويتركون القضية والأساس، فقال: ” أغايةُ الدِّينِ أن تُحْفوا شواربكم، يا أمةً ضحكتْ من جهلها الأمم”.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *