هدنة

Views: 993

خليل الخوري 

اذا لم تأخذ الحكومة الثقة كيف ستحقق الثورة أهدافها؟ وأيضاً لماذا طالب الثوار بإستقالة الحكومة السابقة في انطلاقة انتفاضتهم ضدّ المسؤولين؟ أليس  لأن تأتي الحكومة البديل التي تتبنّى مطالبهم وتعمل على تنفيذها؟!

نعرف رأي الثورة في الحكومة، ولكن الحكم  عليها يجب أن يكون على أعمالها بدءاً ببيانها الذي ستطلب الثقة على أساسه، ثم ما ستحقق منه وماذا ستتخلف عن تحقيقه. فإذا لم تعقد جلسة الثقة، كيف التوصل الى إصدار حكمٍ على البيان الوزاري المفترض أن يتلوه الدكتور حسان دياب في «جلسة الثقة»!

إنها أسئلة بدهية وليست لتدخل في باب الأحاجي والطلاسم… لذلك ليست هي مطروحة من باب الإحراج على الإطلاق، إنما هي ذات صلة  بحاجة هذا الوطن الصغير المعذّب الى قدر من الراحة، أقله لإلتقاط الانفاس، ثم الاتجاه الى معالجة القضايا المزمنة والطارئة… وما أكثرها من قضايا تلامس حقوق الناس البدهية في الحدّ الأدنى من الحياة الحرّة الكريمة.

أمّا إذا كان ثمة إصرار من قيادات في الثورة على المضي في الشارع، فأي عمل يمكن أن يُنجز؟ وأي مطلب يمكن أن يُحقق؟ وأي مصير ينتظر اللبنانيين على كوع الاستحقاقات؟

ولنفرض أنه تم الأخذ برغبة ثورية بذهاب الدكتور حسان دياب إلى بيته، إن بإستقالة دولته تلقائياً أو بدفعه الى الاستقالة، أو بحجب الثقة عنه، وهو مجرّد افتراض جدلي إذ إننا نستبعد أياً من الاحتمالات الثلاثة الواردة آنفاً… ولكن لو حدث ذلك ماذا سيكون المصير والى أين؟

يعرف الثوار، من دون أدنى شكّ، أن البلد الذي كان قبيل  انطلاق انتفاضتهم على شفير الهاوية أضحى في قعر «المهوار»: فالإفلاسات شبه يومية للمؤسسات الصناعية والتجارية.  و«الحبل على الجرّار».

والمرتبات في القطاع الخاص إمّا هي مجتزأة وإما هي متوقفة.

والبطالة  ضاربة أطنابها. والهجرة نزف يومي للأدمغة وجيل الشباب والكفاءة والمهارة. والعلاقة  بين المواطن والمصرف  سلبية الى درجة غير مسبوقة في لبنان، وأولياء التلامذة والطلاب عاجزون عن دفع الأقساط المدرسية… بل عن  تأمين  ثمن الكتاب الخ (…). فإذا  كان هذا هو الواقع. فكيف ستكون حال البلاد والعباد اذا تعذر مثول الحكومة أمام مجلس النواب، واستطراداً اذا لم تنل الثقة؟ وهل ثمة إمكان لتشكيل حكومة ترضي الحراك؟!

نحن، الذين آمنا بالثورة، وحيينا الثوار منذ اليوم الأول، لا ندعو المواطنين الى رمي «السلاح»، الذي هو الحضور في الشارع، فقط نناشدهم أن يتوقفوا أمام الوضع العام وتوفير «هدنة» (إذا صحّ التعبير) لتنطلق هذه الحكومة بعد نيلها  الثقة فتنجز ما يمكن إنجازه… ولعلّ أوّل الإنجازات في هذه المرحلة هو إنجاز وقف التدهور قبل أن يأتي يومٌ  نبكي على ما نحن فيه اليوم.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *