حلقة نقاش حول مفقودي الحرب الأهلية في الجامعة الأميركية
نظم معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB)، حلقة نقاش بعنوان “مفقودو الحرب الأهلية في لبنان: ثمن النسيان وغياب عدالة ما بعد النزاع”.
تناول النقاش موضوع مفقودي الحرب من الزوايا القانونية والسياسية والاجتماعية المختلفة، بمشاركة كل من الكاتبة والناشطة السياسية لينا قماطي، رئيسة لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان وداد حلواني، المحاضرة والباحثة في جامعة القديس يوسف والجامعة الأميركية في بيروت كارمن أبو جودة والمحامي والمدير التنفيذي ل”المفكرة القانونية” نزار صاغية. وأدارت الجلسة الباحثة ومنسقة برنامج “الفاعلون في المجتمع المدني وصنع السياسات” في معهد عصام فارس فاطمة الموسوي.
الموسوي
افتتحت الجلسة بكلمة ترحيبية لفاطمة الموسوي، قالت خلالها أنه “وفي ظل الانتفاضة الشعبية اللبنانية التي طالبت بالكثير من الإصلاحات القضائية والسياسية والاجتماعية، معبرة عن رفضها لكل الممارسات التي تلت الحرب الأهلية اللبنانية التي أنهكت بدورها اللبنانيين اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، لا بد تسليط الضوء على قضية المفقودين والمخطوفين قسرا، وتحديد موقعها على خارطة المطالب الشعبية، ومعرفة كيفية قراءتها من خلال التطورات السياسية والاجتماعية الراهنة”.
قماطي
وبدأت الجلسة مع قماطي التي قرأت ورقة مقتطفة من كتابها “المرحلة الانتقالية ما بعد النزاع في لبنان: مفقودو الحرب الأهلية”، تطرقت خلالها إلى قضية المفقودين في لبنان خلال السنوات العشر الأخيرة. وأشارت أنه خلال فترة “لبنان ما بعد الحرب، دخلت مسألة الأشخاص المفقودين في مرحلة انتقالية بين حالتين، إذ لم يتم تجاهلها كما ولم يتم حلها منذ ثلاثين عاما. ففي الواقع، احتضنت الدولة اللبنانية المسألة، غير أن ممارسات النظام السياسي الطائفي اللبناني عطل حلها”.
وعن الفترة الراهنة، قالت: “ان ثورة 17 تشرين تمتلك مفاتيح الحل لسلسلة من الإشكاليات التي تم إهمالها منذ اتفاق الطائف، من ضمنها إعادة بناء الذاكرة الوطنية والكشف عن مصير المفقودين. ان الثورة تدعو أيضا إلى تغيير سياسي بالعمق، إذ وبحسب الميثاق الوطني واتفاق الطائف، الطائفية السياسية هي فترة انتقالية يجب أن نسعى إلى إلغائها، وهذا الإلغاء سيعلن بداية حل قضية المفقودين بعد ثلاثين عاما”.
حلواني
من جهتها، طرحت حلواني سؤالين: “كيف استطعنا أن نحول موضوع خطف الناس وإخفائهم خلال الحرب الأهلية اللبنانية إلى قضية؟ وكيف استطعنا أن نحافظ عليها فعليا وضمن إطار واحد جمع بين مختلف الأحزاب والسياسات والمذاهب والطوائف وكل “الأمراض المعدية في بلدنا المسببة للحالة الراهنة؟”.
وأوضحت أن “السلطات اللبنانية رفضت الكشف عن مصير المفقودين مستخدمة حججا واهية اختلفت في كل مرحلة سياسية، ومنها أن البحث عنهم قد يشعل الحرب الأهلية من جديد، أو أن الأولوية هي محاربة إسرائيل، أو أن الوصاية السورية تمنع فتح هذا الملف”. كما وأكدت أن “هناك تقاطعا بين مطالب انتفاضة أهالي المفقودين ومطالب منتفضي 17 تشرين”، وقالت: “طالبنا الحكومة الحالية بإدراج تطبيق قانون المفقودين الذي أقر من 14 شهرا، حيث أن القانون كفيل بوضع الأسس لقيام الدولة وتحقيق السلم الأهلي”.
صاغية
أما صاغية، فتحدث عن الجهد القانوني الذي تحقق حتى اليوم، مشيرا إلى أنه “عندما أقر قانون العفو العام في ال1990، لم يكن مفهوم العدالة الانتقالية موجودا في الخطاب العام، واقتصرت الجرائم التي لا تغتفر بحسب هذا القانون على تلك التي ارتكبت ضد الزعماء السياسيين فقط، مما مهد إلى النظام الحالي الذي يقوده ستة زعماء طوائف والذي يرتكز على المحاصصة والفساد”.
وتحدث عن موضوع “نبش المقابر الجماعية المنتشرة على الأراضي اللبنانية كافة”، فقال “إن السبب الذي منع البحث عن هذه المقابر هو خوف الزعماء، زعماء الحرب سابقا والسلطة راهنا، من أن تهز بشاعة هذه المقابر مناصبهم وصورتهم لدى أتباعهم. لكن اليوم مع تفليسة البلد، نرى بالعين المجردة البشاعة نفسها الموجودة في المقابر، كيف فلسوا البلد لإغناء أنفسهم وتكبير ثرواتهم وزعاماتهم. لذلك هناك شبه كبير اليوم بين حق المعرفة لأهالي المفقودين وبين ما تطمح إليه انتفاضة 17 تشرين، أي محاسبة الذين سرقوا واسترداد الأموال المنهوبة. لسنا أكيدين أننا سنتمكن من استرجاع الأموال المنهوبة ولسنا متأكدين أننا سنعرف مصير المفقودين، ولكننا متأكدين من ان المقاومة التي بدأت مع أهالي المفقودين ستستمر معنا جميعا”.
أبو جودة
وأشارت أبو جودة إلى أنه “علينا من خلال ثورة 17 تشرين أن نتحلى بالجرأة لنعترف أن المنظومة السياسية الحالية لن تحل قضية المفقودين، لذلك يجب أن تكون هذه القضية المعيار الذي نرتكز عليه في الطريق نحو السلم الأهلي ودولة القانون والعدالة وإنصاف ضحايا الفقدان”.