عذراً أيها المختلف فبعضنا لا يستحقك

Views: 655

رندلى جبور 

يؤلمني الظلم وهو يلحق بميشال عون مذ كان قائداً للجيش أو ربما قبل ذلك. وكأن قدر هذا الرجل أن يتحمّل كل الحروب عليه بصبر وبالكثير من الايمان والرقيّ. فلولا صبره وإيمانه ومنعته الداخلية لما صمد. “كلن يعني كلن” ضده إلا الشعب العظيم. ولعلّ هذا الشعب الواقف بوفائه هو أيضاً أحد أسباب صموده واستمراره.

وحده الشعب العظيم يستحق رجلاً كميشال عون وفي ما عدا ذلك جمهور لا يستحقه. بعضنا أو بعضهم لا يستحق مَن حقق حريته وأمّن كرامته وسعى ويسعى لبناء وطنه على قاعدة القوة والنظافة.

“كلن يعني كلن” ضده. لماذا؟ لانه وحّد الجيش وأعاد هيبته وصنع صورته الوحدوية مذ كان قائداً له بدءاً من العام 1984. لانه رفض الألوية الطائفية وبنى جيش نخبة موحّداً، لا يحمي منطقة لطائفتها بل يحمي لبنان بتنوعه.

لأنه حين استلم كرة النار في العام 1988 أعاد الدولة إلى الدولة وأنهى الميليشيات. لأنه استعاد المرافق العامة من سيطرة مجموعات عليها وردّها إلى الشعب. لأنه وقف في وجه المحتل وحرر لبنان من الوصايات. لأنه نفي ومع ذلك أطلق أعظم حالة في تاريخ وطننا هي الحالة العونية التي صارت تياراً وطنياً حراً عابراً للمناطق والطوائف. لأنه رفض الرشاوى والعروض المغرية من أجل شعبه ومن أجل وطنه، فكان في ذلك لا يشبه باقي السياسيين. لأنه حمل لبنان قضية وحيدة في منفاه وبقي صامداً رغم كل المضايقات، يزرع هذه القضية في الوجدانات الداخلية والخارجية ويناضل من أجلها أينما حلّ وفي أي موقع كان. لأنه رفض أن يدخل شريكاً في الصفقات المشبوهة وفي المشاريع المدمّرة للدولة. لأنه عاد!

ولانه بعد عودته كسّر الحواجز بين اللبنانيين وتجاوز كل الاحقاد وبنى التفاهمات وأطلق مفاهيم التغيير والاصلاح ومكافحة الفساد وبناء الدولة القوية. لانه دخل شريكاً في السياسة حمايةً للوحدة الوطنية والاستقرار ومنعاً لعودة اي حروب داخلية ولكنه لم يدخل شريكاً في الفساد بل وضع اقتراحات القوانين وخططاً لمحاربته.

لانه حين وصل إلى رئاسة الجمهورية رفض أي إملاءات خارجية وأطلق معركة القضاء على الفساد وإرساء الاقتصاد المنتج. لانه رفض التوطين وطالب بإعادة النازحين. لانه أراد تحرير القضاء وتطهير المؤسسات. لانه وقف في المحافل الدولية صارخاً سيادة لبنان.

لانه بطل في عيون شعبه، ولانه عنوان الكرامة والعنفوان. لانه لا يرتاح، وغير مصاب بالكسل الجسدي والذهني.

لانه المختلِف!

نعم… إن ميشال عون هو المختلف ولذلك هم ضدّه. فشنّوا عليه المعارك العسكرية مرة والسياسية مرات والمالية والاقتصادية أخيراً. خوّنوه وصبّوا عليه كل غضبهم غير المقدّس.

ألبسوه خطاياهم وشغّلوا ماكينات الاعلام والبروباغندا لتصويره وكأنه مثل غيره. لتفريغ تاريخه من حقيقته ولتشويه عظمته.

غسلوا العقول وجعلوا البعض يصرخ ضده.

نعم يا فخامة المختلف، بعضنا لا يستحقك.

من يجاري الحملات ضدك لا يستحقك.

من لا يعرف تاريخك الناصع لا يستحقك.

من لا يقدّر بطولاتك ونضالاتك لا يستحقك.

من يتهمك ويحمّلك مسؤوليات لا تتحمّلها لا يستحقك.

من لا كرامة فيه لا يستحقك.

من لا وطنية لديه لا يستحقك.

من يتقن هواية الظلم لا يستحقك.

من لا يعشقك لا يستحقك.

أما نحن فمعك حتى الرمق الاخير، ليس لشيء إلا لاننا نعرفك على حقيقتك.

ميشال عون لا تحزن من ظلم البعض، فالضمير الحي ونحن والتاريخ، حتماً سننصفك!

***

(*) “المدى”

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *