ذِكْرَيَاتٌ .. وَمُنَاجَاةٌ

محمد نعيم بربر

 

يَنْقَضِي الْعُمْرُ ، وَتَبْقَى الذِّكْرَيَاتْ

يَا لَعُمْــــرٍ سَخِرَتْ مِنْهُ الْحَيَــــاةْ  

ضَحِكَتْ مِنْ  سَيْرِهِ خَلْفَ الْمُنَى

وَعَلَى الدَّرْبِ ، تَئِنُّ الْخُطُوَاتْ

عَجِبَتْ مِنْ كُـــلِّ فَرْدٍ هَائِـــــمٍ

حَائِرِ الْفِكْرِ، قَصِيْرِ النَّظَرَاتْ

يَا لَعُمْــرٍ عَاجِزٍ ، مِثْلَ الدُّمَى

لَعِبَتْ فِيْـــهَا خُيُوْطُ الأُمْنِيَاتْ !!

نَسَجَتْ أحْلامَهَا فِي عَالَـــــمٍ

عَجَزَتْ عَنْ فَهْمِهِ كُلُّ اللُّغَاتْ

يَا لَعُمْــرٍ قَدْ مَضَتْ أحْلامُــــهُ

بَيْنَ مَاضٍ مِنْ هَوَى الْعُمْرِ وَآتْ

مَنْ يُعِيْدُ اللَّحْـــنَ فِي قِيْثَــــــارِهِ

مَنْ يَصُوْغُ الشِّعْرَ بِيْنَ الْكَلِمَاتْ ؟!

مَنْ يُثِيْرُ السِّحْرَ فِي أوْتَــــــارِهِ

مَنْ يُدَانِي النَّسْرَ فَوْقَ الْهَضَبَاتْ ؟!

يَرْقُصُ الْحُبُّ عَلَى آكَامِـــــــهَا

كَمْ هَفَا قَلْبِـــــي لِتِلْكَ الرَّقَصَاتْ

وَمِنَ الطَّلِ عَلَى أزْهَارِهَــــــــــا

كَمْ عَبِيْرٍ فَاحَ بَيْنَ الْهَمَسَــــــــــاتْ

كَمْ غَفَا اللَّيْلُ عَلَى أهْدَابِهَــــــــــــا

كَمْ بِلَيْلِ الْعِشْقِ ، هَامَتْ عَاشِقَاتْ

وَلَكَمْ فَاضَتْ بِأشْوَاقِ الْمُــــــــنَى

قَطَرَاتُ الْحُبِّ فَوْقَ الْقُبُـــــــلاتْ

مِثْلَمَا الْوَرْدُ إلَى قَطْرِ النَّـــــــدَى

يَرْتَوِي شَوْقًا  بِدَمْـــــعِ الْقَطَرَاتْ

مِثْلَمَا الأحْلامُ فِي جَفْنِ الْمَسـَـــــا

تَقْطُفُ الأنْجُمَ ، خَلْفَ الشُّرُفَاتْ

مِثْلَمَا الأنْفَاسُ فِي لَيْلِ الظَّمَا

وَحِكَايَاتِ اللَّيَالِي الْمَاضِيَاتْ

صُوَرٌ فِي خَاطِرِي أرْسُمُهَا

بِدُمُوعٍ ، زَفَرَتْ بِالْحَسَرَاتْ

عَلَّهَـــا تَرْسُمُ لِي عَهْدًا مَضَى

وَحَنِيْنـــــًــا لِلَّيَالِي الْمُقْمِرَاتْ

عَلَّهَـــا تُرْجِعُ لِي مِنْ صَبْوَتِي

ضَحِكَاتِ الْغِيْدِ عِنْدَ الأمْسِيَاتْ

كُلَّمَا هَاجَ الْهَوَى أشْجَانَهَـــــــا

فَضَحَ الْبَدْرُ عُيُوْنَ السَّاهِرَاتْ

عَالَـــمُ الْيَوْمِ ، كَوَابِيْسُ رُؤىً

وَافْتِرَاءَاتٌ وَظُلْمٌ وَطُغَــــــــاةْ

رَفَضَتْهُ كُلُّ نَفْسٍ حُــــــــــــرَّةٍ

عَبَثَتْ فِيْهِ ذِئَــــــــابٌ ضَارِيَاتْ

عَالَـــمُ الْيَوْمِ ، سِبَـــــــاقٌ هَادِرٌ

كَسَبَتْ بِالسَّبْقِ فِيْهِ الطَّائِـــرَاتْ

حِمَمُ الْمَوْتِ عَلَى أمْتَانِــــــــهَا

جَمَعَتْ ذَرَّاتِهَـــــا الْمُنْشَطِرَاتْ

إنَّهُ عَصْـــرُ الطَّوَاغِيْتِ الَّــتِي

وَصَمَتْ بِالْعَارِعَصْرَالْمَكْرُمَاتْ

أفْقَدَتْ بِالْجَهْلِ فِي إجْرَامِهَــــــا

قِيَمَ الْعِلْمِ ، نُفُوْسٌ مُوْبِقَــــــــاتْ

فَتَسَاوَى الْعَقْلُ وَالْجَهْلُ مَعـــــًــا

هَبَطَ الْعِلْمُ لأدْنَى الدَّرَجَــــــــاتْ

إيْهِ يَا أسْرَارَ نَفْسِي ، مَزِّقـِــــي

حُجُبَ الظُّلْمِ ، وَقُوْمِـــي لِلصَّلاةْ

إنَّهَا الْيَوْمَ لِقَلْبِي ، مُرْتـَــــــــجىً

وَابْتِهَالٌ لِلنُّفُوْسِ الْــــــــحَائِرَاتْ

وَهْيَ كَالنَّجْوَى لِقَلْبٍ مُؤْمِـــــــــنٍ

عَصَفَتْ فِيْهِ رِيَاحٌ عَاصِفَــــــــاتْ

عَلَّهَـــــا تُبْعِدُ لِي فِي وَحْشَتِـــــي

شَبَحَ الْخَوْفِ بِعَصْـــرِ الصَّفَقَاتْ

عَلَّهَــــا تُحْيِـي ضَمِيْرًا  مَيِّتـــًــــا

حَمَلُوا جُثَّتَـــــهُ مِثْلَ الرُّفَـــــــاتْ

أفْلِتِي يَا نَفْسُ مِنْ أشْرِعَتِــــــــي

لَمْ أعُدْ أخْشَى بُحُوْرَ الظُّلُمَـــاتْ

فَطَرِيْقُ الْحَقِّ ، بَــــرٌّ آمِــــــــنٌّ

تَلْتَقِـــي فِيْهِ جَمِيْعُ الطُّرُقَـــــــاتْ

كُلُّ شَيْءٍ لَمْ يِزَلْ فِي خَاطِــــرِي

كَالْمَرَايَــــا ، شَاهِدٌ لِلذِّكْرَيَاتْ !!