قصيدة وتعليق

سمر الخوري

 

أمّي ..

أَتَلَمَّسُ وَجْهَ أمّي

شَمْعَةً تُضيء المَكانْ

يا لَهَذا الحُزْنِ

ضاقَ صَدْري

والمَسافَةُ بَيْنَنا

دَمْعَةَ شَوْقٍ

تَتَوَجَّسُ حُلُمَ  لِقاءْ

على غَفْلَةٍ مِنّي

جَمَعَتْ حَقائِبَها

سافَرَتْ إلى السَّماءْ

اوغيت خيرالله

 

أمي..رسالة السماء

أمي..قصيدة ولوحة للشاعرة أوغيت خير الله التي ترسم بالريشة صلاتها والشعر.

أمي..وما أرق هذه الكلمة! تورق في القلب أزاهير رجاء.

والأم في لحظات الغياب جرح يمتد إلى أعماق القلب، يتغلغل في شرايين البوح رسالة تخطها السماء.

أتلمس وجه أمي، تقول الشاعرة، بل  وجه الرب: وجهك يا رب ألتمس ( مزمور 28/ 6). وفي عمق الغياب حزن حتى الموت. انطفأت شمعة كانت تحارب بها الظلام. كل ما حولها جليد، ظلمات، دموع ينزفها الوريد الشهيد.

ضاق الصدر بالدموع، وبالشموع، تنادم الموت العنيد. تساوى المكان واللامكان، انقطع الحوار بين الممكن والمستحيل, طال الرحيل. فهل العودة في الإمكان؟

ومتى تعود؟

واللقاء زيزفون شريد.

متى تعود الأم، وينحسر الهم، ويختفي من الجرح الصديد؟

على غفلة رحلت…جمعت حقائب السفر، بلا وداع.

“ليش الأحبا ع غفلة بيروحوا

ما بيسألوا حدا”( من أغنية الرحابنة)

الأم …سافرت  إلى السماء. بقي الهم، وألحان الموت في الدماء. جمعت حقائبها فالرحلة بعيدة وطويلة. أبحرت سفينة السندباد، في رحلتها التاسعة، في رحلة شاسعة، ولن تعود.

بقيت لوحة على حائط القلب والضمير. أميرة زفت إلى الأمير. لعلها الآن في أحضان إبراهيم، إلى جانب إبراهيم/لعازر السعيد.

وأصبحت اللوحة لوحتين، في ديار الراحتين.

لوحة بالزيت ولوحة ال “يا ريت”.

ليتها بالوجود لم تقامر ، لم تعتد الحنث بالوعود. أو  تغامر. أيها الموت الغادر، ليتك أنت المغادر، لا ربة البيت.

لم يبق سوى لوحتين: لوحة الريشة ولوحة الشعر. واللوحتان لا تقدران بسعر. من يقدر أن يشتري القلب الجريح؟ من يجرؤ أن يشتري الصلب الصريح؟

في لوحة الألوان ألف عنوان. هالة على الصدر تصيح: “لا تحزني يا أوغيت الحبيبه، أبوك من قبل حمل صليبه، وغادر الشطآن. رحلتي اليوم إليه، ولن نلقي المرساة. كوني لنا المؤاساة، لا الدموع. أضيئي لنا الشموع، ولا تبالي؛ فالأرض أرض الوبال، ونحن اليوم في المكان الصحيح.

ريشة الألوان عنوانها حلم النقاء. ترسم الوعد شراعا. لن نقول لك وداعا، بل إلى اللقاء، بين يدي المسيح.”