العربي بنجلون: بعض المؤرخين يُباعون ويُشترون لكن الأديب لا يباع ولا يشترى

Views: 898

دارين حوماني

تبدأ حكاية الكتابة عند الأديب المغربي العربي بنجلون منذ الطفولة، هيّأ نفسه للكتابة منذ كان ينام على ركبة والدته وهي تحكي له الأساطير والألغاز التي أتت بها من الريف المغربي، هو مثقف من عالمنا العربي ركزّ على أدب الطفل في كتاباته والتي استندت على دراسة التكوين الذاتي والنفسي للطفل، كتب الواقع المغربي حين كان يكتب سيرته الذاتية التي أصدرها في كتابين متباعدين زمنياً وكتب الواقع العربي والعالمي حين كان يكتب عن أسفاره، اشتغل على الوعي العربي وكتب في النقد أيضاً، لديه مشروع كامل تجاه الأجيال العربية، نال جائزة اليونيسكو وجوائز أخرى وشغل عدة مناصب ثقافية بين سويسرا والمغرب، هو رئيس تحرير مجلة “كتابات” التي تُعنى بالفكر والأدب والإبداع وهو مدير مجلة الطفل “سامي”، اعتمدت منظمات أوروبية كتاباته في التربية غير النظامية كما حاضر في عدد من الجامعات المغربية والعربية. حول تجربته كلها كان لنا هذا الحوار معه خلال مشاركته في لقاء ثقافي في بيروت.

اشتغلت على الإنسان في حقول انتاجاتك الأدبية المتنوعة بين أدب الأطفال وأدب السيرة وأدب الرحلة والنقد والبيبلوغرافيا، هو مشروع ممنهج بالكامل، تقول “أبني وطني”، هل ثمة أمل ببناء الإنسان داخل هذا الموت كله؟ وهل تتواجد البيئة العربية الحاضنة للاهتمامات الفكرية والنفسية للطفل والانسان بشكل عام؟

حالياً لا توجد هذه البيئة، لكنني في الرجوع الى تاريخ البشرية كيف عاشت أرى كيف أن تاريخها هو تاريخ الدموع والموت والقتل، أدرك أن الانسان العربي في الأخير سيُبنى وسيخرج من هذا النفق المظلم لأنه لا يمكن أن يظل الانسان رهين التخلف ورهين الصراعات الفارغة والفساد. لا بد أن تشرق الشمس كما يقولون كما في الدول المتقدمة، أنا أؤمن بحتمية التطور وحتمية الخروج من المآزق، في النهاية الصراعات المحتدمة تؤدي الى بوابة الحياة المليئة بالطموحات والآمال.

 

هل من علاقة لطفولتك بهذا الشغف بعالم الطفل؟

طبعاً لأن والدي كان بائعاً متجولاً في المدن وكان يتغيّب طيلة الأسبوع فكانت أمي الريفية وهنا أعني بالريفية منطقة الريف، لا أقصد البادية بالريف، عندنا منطقة في الشمال الشرقي منطقة تدعى الريف، حملت أمي معها الى مدينة فاس ثروة كبيرة من الأحاجي والألغاز والخرافات فكانت في الليل تطلب مني أن أنجز دروسي كي تحكي لي قصة أو لغزاً فكنت أجتهد لكي ألبّي طلبها فأنام على حجرها وتحكي لي الحكايات، فكانت هذه هي البذرة الأولى ولما كبرت كانت هناك مجلات تصلنا من لبنان وكنت أراسلها وأنشر فيها موضوعات عن فصل الربيع وحول الحيوانات وغير ذلك، ثم نمت وتطورت هذه الموهبة لأكتب قصصاً للأطفال وخصوصاً عندما أصبحت مدرسّاً للأطفال وجدت أن القصة هي أفضل طريقة لتبليغ الدروس الى الأطفال.

أدب الأطفال تحوّل بأغلبه الى تجارة في عالمنا العربي يكتبه غير الأخصائيين في التكوين الذاتي والنفسي للطفل، أين دور النقد الذي نراه مغيّباً لهذا النوع الأدبي؟ وهل من رسالة تود أن توجّهها لوزارات الثقافة ولدور النشر التي تُعنى بأدب الطفل؟

عندما تأزّمت الظروف في العالم العربي في السنوات الأخيرة ومع تطور التكنولوجيا قلّ الاقبال على القراءة، وبدأت ظاهرة العزوف عن القراءة ممّا جعل أهم دور النشر تلتجئ الى أدب الأطفال لأن الطفل لا زال لم يتأثر كلياً بهذه التكنولوجيا، ولأن المدارس لا زالت تقتني الكتب لهذه الأطفال فأصبح اهتمام دور النشر هو اخراج أنواع من الكتب للأطفال قصد الربح أو تسديد الخسارات التي مُني بها بسبب العمل مع أدب الكبار، لكن هذا أسقطهم في الأعمال التجارية التي لا تفيد الأطفال فأصبح من هبّ ودبّ يكتب بغية الشهرة أو اثبات الذات أو الربح السريع، وهذا أدّى الى أن يكتب الكثيرون دون أن يدرسوا الخصائص اللغوية والنفسية والفكرية والاجتماعية للأطفال ودون أن يفرّقوا بين الكتابة للكبار أو للصغار، فالكاتب يعتقد أنه إذا كتب قصة تحتوي على شخصيات حيوانية أو جحا أو سندريلا أو بعض الأبطال الوهميين فإنه يكتب للأطفال وهذا ليس صحيحاً، المؤسف أن بعض المسؤولين في العالم العربي لا يدركون أهمية الطفل فهم يشجّعون الكتابات التي تتوجّه للطفل دون أن يدقّقوا إذا كانت صالحة، وإن إحدى وزارات الثقافة في العالم العربي دعمت كتاباً لمؤلف موجّه للأطفال يحتوي على مشاهد تعذيب الأم من طرف طفليها وأن طفلاً من هذين الطفلين سيقطع رأس أخيه ويعلّقه على عامود كهربائي، دعموه مادياً، بل حتى اللغة تحتوي على أخطاء لغوية، معنى ذلك أن لا دور النشر ولا وزارات الثقافة ولا المؤلفون يدركون خصائص الكتابة للأطفال. ولقد كنت حكماً في إحدى جوائز كتابة الأطفال في إحدى الدول العربية واعترضتُ على فوز صاحب مجموعة قصصية موجهة للأطفال تشبه تلك التي تحدّثت عنها وهدّدتهم بالانسحاب من اللجنة مع أن الكل كان متفقاً على تلك المجموعة وهي تحتوي على مشاهد داعشية، ربما في العالم العربي لا يشعرون أن هذه المشاهد مخزية. عن النقد، لا يوجد نقد لأدب الأطفال لأن أغلب ما يُكتب للأطفال هو متشابه عن سندريلا وعن جحا وعن كليلة ودمنة عن حياة الأنبياء، فأغلب كتب الأطفال متشابهة والنقد غير موجود. أود أن أقول هنا أنه في بداية القرن الماضي كان كتّاب الطفل لا يعلنون عن أسماءهم خوفاً من أن ينظر المجتمع نظرة تقصير وهناك زعماء ورؤساء عرب كتبوا قصصاً للأطفال ولديّ كتاباتهم ونشروا قصصهم في البداية لم يعلنوا أسماءهم حتى لا يسخر منهم المجتمع.

هل أحدثت التكنولوجيا وإفرازاتها شرخاً بين الطفل العربي والكتاب، هل تخاف على الأطفال من العولمة؟

لم تُحدث التكنولوجيا شيئاً بل نحن الذين أحدثنا لأنفسنا هذه السلبيات بواسطة التكنولوجيا، لأن التكنولوجيا أعطتنا وسيلة للتواصل ولكن كيف نستعملها هذا يعود الينا وليس للتكنولوجيا، المشكلة هو في التخلف في العالم العربي، الانسان العربي يتوهّم أنه إذا انساق مع التكنولوجيا فإنه سينتقل الى الحضارة وأنه إذا استعجل على تربية ابنه على التكنولوجيا فإن ابنه سيصبح عبقرياً، الكثير من الأطفال يستعملون هذه الآلات بسرعة ولكن هذا غير مناسب لهم لأنها تسبّب لهم تخلفاً فيما بعد،  يجب أن يمرّ الطفل بمراحل قبل أن يتعامل مع التكنولوجيا وحتى الذين اخترعوا التكنولوجيا كانوا يمنعون أبناءهم من استعمال الهواتف الذكية لأن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يعطّل الذكاء الطبيعي ولهذا ينبغي أن نقضي على هذه الظاهرة هذا بالاضافة الى الأضرار الجسمية مثل السرطان والعقد النفسية والانعزال والتوتر.

كتبت في أدب السيرة في العام 1987 “سفر في أنهار الذاكرة” وفي العام 2017 كتبت “أنا الموقع أسفله” واعتبرت أن الكتاب الثاني هو تتمة للأول وأن في الثاني توضيحاً لبعض الأحداث التي لم تكن تملك الجرأة لسردها حرفياً في الكتاب الأول، هل قال العربي بنجلون كل ما يريد قوله وبحرية؟

بالنسبة للطفولة وللشباب قلت كل شيء كل ما حدث لي، لكن ما حدث في شيخوختي قلته في شكل قصص رمزية وأنا أستعد لأقوله بكل وضوح، لأن ما وقع لي في طفولتي كان علاقة بيني وبين أسرتي وأفراد مجتمعي لكن ما وقع في شيخوختي كان بيني وبين السلطة وسأوضح ذلك فيما بعد، لقد كتبت عن هذا في الجرائد لكن فيما بعد سيكون في دقة أكثر لأن السيرة الذاتية هي جزء من التأريخ عن الدولة، كيف تسير الدولة وكيف هو حال الواقع، الرواية والسيرة والقصة وأدب الرحلة هذه مكملات للتاريخ، التاريخ قد يكذب، بعض المؤرخين يُباعون ويُشترون لكن الأديب لا يباع ولا يشترى لذلك لا يمكن أن تثقي في المؤرخ، الأدباء بمعنى الكلمة لا يمكن أن يتخلوا عن الحقيقة في قصصهم ورواياتهم، إذا أردنا ان نكتب عن أي دولة ينبغي عن نقرأ أدبها.

تنقلت بين دول عربية وغربية عديدة وكان لهذه الأسفار تأثير إيجابي عميق عليك، وأصدرت كتابك “أن تسافر” ضمّنته حكاياتك مع الأماكن التي زرتها واهتممت بالجانب الثقافي لهذه الدول، هل تعتقد أن الكاتب يحتاج الى الخروج من مسقط رأسه ليغني تجاربه الفكرية والأدبية؟

أولا بالنسبة للرحلات هي كل ما ورثته عن أجدادي لأن والدي كان بائعاً متجولاً في الدول الأفريقية بحيث أنه لدي عمة من أريتيريا، أنا جئت من عائلة تؤثر الرحلات التجارية لا تنسي أنني أنتمي الى الموريسكيين، والموريسكيون جاءوا من الأندلس الى المغرب حاملين ثرواتهم هاربين من الحروب فهذه رحلة من أجل السلم، إذاً هناك حب للرحلة، أنا موريسكي من جهة الأب وفاسي من جهة الأم وهذان لا يلتقيان لكنهما التقيا فأنا أشعر بميلي لهذين الجانبين، تأثرت بوالدي وجدتي، منذ 1969 وكان عمري حوالي العشرين زرت أوروبا وكانت بدون تأشيرة وكان هناك قطار من المغرب الى أوروبا ما عدا البحر وبثمن بخس في ذلك الوقت، فيما بعد سأحس بتخمة من أوروبا وأتوجه الى العالم العربي فقمت بزيارات الى عدد كبير من الدول العربية منها لبنان كان ذلك منذ أربعين سنة، الرحلة هي أولاً تُطلعك على الشعوب الأخرى اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وفكرياً لكن بنفس الوقت تطلعك على بلدك لأنك تدرك الفرق بين بلدك وبين البلاد الأخرى، فإذا كنت تكره بلدك وتقول بأن بلدك ينقصه كذا وكذا ستكتشف أن بلدك أحسن من تلك الدول إن لم يكن في المجموع سيكون في بعض الأشياء، من ناحية أخرى إنها تطلعك على مواقف ممكن أن تعكسها في كتابتك فهي تضيف اليك أشياء كثيرة،كما أنه يمكن لك زيارة المتاحف وزيارة الأدباء أيضاً، زرت نجيب محفوظ  ويعقوب الشاروني وهو من أكبر كتّاب الاطفال في العالم العربي واستضافني مراراً، حتى أن بعض الأدباء في العالم العربي حدّثتهم عن أماكن في بلادهم هم لا يعرفونها مثلاً في تونس زرت آخر قصر كان المقيم العثماني يعيش فيه، ورأيت ملابسه ومكانه واستغرب الكثيرون ذلك رغم أنه موجود قرب أهم شارع هو شارع الحبيب بو رقيبة. عندما نزلت في لبنان زرت في اليوم الأول سوق الأحد وهو سوق شعبي ورأيت الناس كيف يتحدّثون ويأكلون، اشتريت أشياء جميلة بثمن بخس أعجبني كثيراً رغم أن البعض حذّرني من الذهاب الى هناك لكني لم أجد أحداً يهتم بي أو ينظر اليّ أو أخشاه بل عشت لحظات جميلة في هذا السوق. اذاً الرحلة تجعلك تكتسب كثيراً من المعارف من تقاليد الشعوب وتقارن بينها وبين بلدك وتضيف لك أشياء كثيرة.

حدّثنا عن اعتماد عدد من المنظمات العالمية في أميركا وأوروبا انتاجاتك القصصية في التربية غير النظامية، كيف ترى هذا التفاعل مقارنة بالدول العربية؟

تجربة التربية غير النظامية تجربة جيدة جداً، هناك جمعيات ثقافية تهتم بالمرأة ومنها من لها علاقات مع سفارات الدول الاوروبية فكانت تعقد معها اتفاقيات وكانت تدرّ على المغرب المليارات من اليورو فكان لهذه الجمعيات مقرّات وتجهزّها بآلات وبموظفين وكانت تقيم بأفخم الأوتيلات لقاءات مع النساء وأحياناً مع الرجال حول موضوع معيّن، ما هو دوري؟ أن أحضر وأستمع ولا أتكلم وأرى ما يروج من آراء ومن خلال تلك الآراء أكتب قصة وأضمّنها تلك الآراء وأحاول أن أعالجه بأسلوب عربي صحيح وتجدونه عامياً يحمل وجهين ولا يخلط بينهما هو فصيح لكنه عامي أي لغة ثالثة بحيث يستطيع الجاهل والعارف أن يقرأ ويستفيد، حتى أن بعض المحامين كانوا يطلبون من هذه الكتب ليستفيدوا منها، وكان كل كتاب يصدر منه ما بين مئة ألف ومئتي ألف نسخة وتوزّع مجاناً، ويقرأها غالباً الأطفال في عمر 15-16 الذين لم يستطيعوا أن يتابعوا دراستهم، الأسلوب ليس صعباً والقصص ملونة بالصور ولدينا رسام وأنا أكتب النص، وإذا كان هناك كلمة صعبة ما، معنى صعبة أي أن للطفل صعبة، كنا نشرحها، كانت تجربة فريدة من نوعها، هي تجربة حدثت في المغرب ومرّت منها مصر ولكن ما آخذ عليه المصريين أنهم يميلون للعامية، علينا أن نتقن العربية الفصحى وليست الغامضة، بالنسبة للغرب في تعاملي مع الجمعيات الغربية أشترط على أي مستشار في أي دولة أن لا يفرض علي لغته أي أن نكتب باللغة العربية الفصيحة وثانياً أن لا يتدخل في أفكارنا وأن لا يوجّهنا توجيهاً معيناً حتى لا نكون أذلالاً ونجحنا في هذا الأمر، وربما لدينا في العام المقبل مشروع، تسألين ما فائدة ذلك للدول الاوروبية، الدول الأوروبية تشعر على المدى البعيد أن شعوبها ستنقرض لذلك تريد تعويض ذلك بشعوب تحمل نصيباً من الثقافة، هي تحتاج لمهاجرين يعملون كنادل مثلاً في مقهى لكنها تريد مهاجرين على مستوى من الوعي فنحن نلبّي هذا الطلب بحيث يكون مهاجراً يعترف بالقانون ويطبّق القانون ومحب للحياة وقادر على المعاشرة.

في كتابه “تاريخ الأدب العربي” تجاهل الكاتب أحمد حسن الزيات الأدب المغربي وفعل ذلك طه حسين وإحسان عباس وغيرهم، لماذا هذا التجاهل، هل له علاقة أن أدب المغرب كان في نوع من العزلة ولم يكن معروفاً في الشرق تماماً في حين كان أدب الشرق معروفاً في المغرب، وكيف ترى الأمور الآن؟

في الحقيقة أن المصريين لهم ميزة إيجابية وهي الاعتداد بالنفس ويعتبرون مصر أم الدنيا والباقي أولادها وأحفادها، ولهذا سيطرت هذه الفكرة على أكبر الكتّاب حتى أنهم يتحدّثون عن أنفسهم وينسون الآخرين، ربما هو تناسي أو تجاهل مقصود، لكني أعتقد أنه فقط عدم اطلاع على الأدب المغربي، نحن أيضاً كمغاربة مقصّرين في ايصال كتبنا، وتأخرت كتب المغرب لتصل الى الشرق بسبب عدم التوزيع بينما دور النشر في الشرق توزّع في المغرب، وربما هذا سبّب بدفع الأدباء المغاربة للتأليف عن الأدب المغربي، لو لم يتجاهل المصريون الأدب المغربي لما كتب المغاربة عن أدبهم فهذا كان دافعا لعبدالله كنون فألّف مؤلفاً ضخماً عن الأدب المغربي، وهناك كتّاب آخرين كتبوا لمحات عن أدب المغرب ونماذج من شعرهم، لأن القصص والروايات ظهرت فيما بعد، كان الشعر وكانت المقامة والرحلة، أدب الرحلات كان مشهوراً وأشهر واحد هو ابن بطوطة. الآن أصبح المغرب يحتوي على أدب رفيع وانتشر عربياً هذا بفضل التواصل الايجابي بين المغرب وبين لبنان وسوريا والعراق، هم يذكرون مصر أكثر من لبنان في العلاقة مع المغرب، الأدباء المغاربة ارتبطوا كثيراً مع الأدباء في مصر، مثلاً محمد برادة تعلّم في مصر، علي ملي أيضاً الذي كان سفيراً للمغرب في مصر، وأيضاً عبد الوهاب الدكالي صاحب “مرسول الحب”، لهذا يذكرون مصر أكثر من لبنان.

ثمة قطيعة أو مسافة ملحوظة بين الجيل التأسيسي والجيل الجديد في المجال الأدبي، ما هو سبب ذلك؟

في الستينيات كان هناك جيل الرواد، الهزّات السياسية والاجتماعية التي وقعت في العالم العربي جعلت جيل الرواد يتراجع، منهم من صمت ومنهم من بقي يكتب ولكن بخجل، فظهر جيل آخر يمثّل هذه المرحلة الثانية لكنه يحترم الجيل السابق والجيل السابق لا يحاول أن يربط جسرًا مع الجيل الجديد لأنه يعتبر أنه أدّى واجبه ويشعر بالملل وأنه أعطى كل ما عنده ولم يفد شيئاً، الجيل الحاضر متهيّب من الجيل السابق ومنطلق في الكتابة لكنه لا يحاول أن يمدّ الجسور معه حتى لا يُتهم بالنكوص أو بالتخلف لأنه ينظر الى الجيل السابق بأنه مثّل مرحلة، وهذا موجود حتى بين القوى السياسية وبين الوزراء والنواب فهذه مسائل نفسية، هي موجودة أيضاً في أوروبا بحيث أن جيل مرحلة ما يذهب ويأتي جيل آخر ولا تكون له علاقة بالآخر وهذا يدخل في إطار التطور.

 

Comments: 1

Your email address will not be published. Required fields are marked with *

  1. الكاتب المغربي العربي بنجلون قامة أدبية ثقافية في المشهد الثقافي المغربي