“17 تشرين الأوَّل وإمكانيّة التغيير الفكري والاجتماعيّ والثقافيّ في لبنان”

Views: 856

في سياق منتديات الكتاب: قراءة ومناقشة، أقامت هيئة الكتاب في جمعيَّة معًا نُعيد البناء، بتاريخ 20 شباط 2020 على مسرح بلديّة الجديدة البوشريّة السدّ، ندوتها الأُولى لهذه السنة تحت عنوان 17 تشرين أوَّل وإمكانيّة التغيير الفكريّ والاجتماعيّ والثقافيّ في لبنان. 

افتُتِحَت الجلسة بدقيقة صمت حدادًا على رئيس الجمعيَّة المحامي الأستاذ رشيد جلخ الذي توفّاه الله بتاريخ 30 كانون أوَّل 2020.

أدارت الندوة الدكتورة كريستيان صليبا، منسِّقة هيئة الكتاب في الجمعيَّة، مرحّبةً بالحضور وبالمنتدين ومُركِّزة على أهميَّة العمل الثقافيّ المُشترك كطريق للبناء معًا. وقدَّمت نبذة عن أهداف الجمعيَّة التي، من أهمِّها التلاقي والعيش المشترك مع كلِّ الأطياف، واعتماد الثقافة والانفتاح كوسيلة لذلك. 

ثمَّ قدَّمت المنتدين بَدءًا بالدكتورة ماري-آنج نهرا النقيبة السابقة للمعالجين والمحلِّلين النفسانيّين في لبنان والحائزة على دكتوراه في عِلم النفس العياديّ من جامعة فرنسا. ثُمَّ المحامي فَهمي رشيد كرامة مُحكَّم ووسيط دوليّ معتمد لدى عدد من المراكز المحليَّة والعالميَّة. والدكتور علي مراد أُستاذ القانون في جامعة بيروت العربيَّة وناشط في عاميَّة 17 تشرين. والأستاذ زياد عبد الصمد المدير التنفيذي لشبكة المنظَّمات العربيَّة غير الحكوميَّة للتنمية. والأُستاذ أنطوان الخوري طَوق كاتب وإختصاصي في التربية والتعليم وناشط في حقوق الإنسان والعمل اللّاعنفي، ومترجم كتاب Power Of Love لمارتن لوثر كِينغ. 

 

صليبا

وقالت د. كريستيان صليبا في كلمتها: ينتج التغيير الثقافي الممنهج على الأصعدة كافةً ثمن في مفهوم دورة التغيير لذا، فنحن في تحوّل وتفاعل مستمرّ. سوسيولوجيَّة التغيير الاجتماعي تتبع جدلية من ثلاث مراحل وتُحدث صدمة وحالة نِزاع ناتجة عنها: مرحلة الصدمة، النزاع والتسوية. هناك انقسام عام. أمَّا 17 تشرين فكان يشمل في البدء، الأطياف كافة ليتحوَّل فيما بعد، الى تشتُّت وتدخُّل حزبيّ في ظلِّ دولة طائفيَّة.إن حالة الإنقسام هذه، تتبع التوازن من خلال تنوّع الآراء. إنَّه تاريخ مفصليّ مبنيّ على المساءلة، وخاصة مساءلة النقابات والاحزاب اللبنانية على ادائها.إسبانيا، مثلاً، شهدت تحركًا مماثلاً واستطاعت النقابات مساءلة ادائها والعمل عليه واستعادة التحرُّك وتنفيذ المطالب. من هنا السؤال الأوَّل:”أين نحن وفي أيّ مرحلة من 17 تشرين؟ وما هي النتائج النفسية الاجتماعيّة للشعب اللّبناني؟”. اما السؤال الثاني فتمحور حول ان الاحزاب والنقابات هي مصدر غنى ديمقراطي وسياسي، فكيف العمل على استمرارية مبادىء 17 تشرين في ظلّ الواقع الحالي، وكيف ضمّ الجهود سوية لبناء وطن يحلو فيه العيش : المبادىء والقيم المشتركة، آلية التطبيق وحدوده ضمن النظام اللبناني؟

 

نهرا

 بعد هذه المقدِّمة أعطت د. صليبا الكلام للدكتورة نهرا، التي قالت: ما زلنا بعيدين عن فكرة الثورة الفكريّة. لكنَّ هذه “الصدمة” قد بدأت بمطالب إعتياديَّة،فتفاجأ الشعب من الكمّ الهائل من المطالب. وتفاجأ من المشاكل النفسيّة المتراكمة منذ أكثر من أربعين سنة. في مئويّة لبنان، في أوَّل خمسين سن منها كان صراع لتثبيت لبنان. وفي الخمسين سنة الثانيَّة كانت مشاكل نفسيّة. لذلك ينقصنا الوعي والانتماء. من هذه الثورة الذاتيّة إلى الثورة الاجتماعيّة والثقافيّة والتشريعيّة، ثورة 17 تشرين أيقظت الناس على وضعهم. ففي هولندا، مثلاً، تتمتَّع الحيوانات بحقوق أكثر مما يتمتّع به المواطن اللّبناني. أربعون بالمئة من شعبنا يعيش تحت خطّ الفقر. ثورة 17 تشرين كشفت عن سرطان يجتاح البلد، كنّا فيه في وهمٍ. إسمه لبنان. نحن نعيش على أمجاد الماضي. وأنا، كمعالجة نفسيَّة فسأقول: لقد وصلنا الى مرحلة خطيرة جدًّا. وأيُّ تغيير أفضل من البقاء على ما نحن عليه.

كرامي 

المحامي فَهمي رشيد كرامة، قال: أُريد أن أتكلّم عن ثورة 17 تشرين كلبنانيّ يعيش في طرابلس. ومن خلال حياتي المهنيَّة في تسوية النزاعات بالطرق السلميَّة. والخط الساخن في نقابة المحامين لمساعدة الذين يُضطَهدون في الثورة. كانت الثورة صدمة إيجابيَّة. نزل أهل طرابلس على انتماءاتهم كافة رغم الاختلافات التي كانت مصدر نزاع الحرب ومخلّفاتها التي انتجتالشعار : طرابلس قلعة المسلمين. نزل الشعب في طرابلس لتبديل هذا الشعار.قررنا أن نزيل هذا الثوب، فكانت هذه المرَّة الأُولى التي ينزل الشعب ويقول للزعيم: أنت أخطأت. الناس سبقوا القيادات السياسيَّة. وبعدها بدأ التفكير والبحث والتحليل لخلق الآليات المختلفة وخريطة الطريق والأُطر الدستوريّة. هناك فئتان، فئة تعتمد العنف، وأُخرى تعتمد الوقت والفكر والخطوات. وهذه من تحدِّيات الشارع الطرابلسي خصوصًا، والثورة عمومًا.

 

مراد

من جهته أكد الدكتور علي مراد أُستاذ أن “لبنان قبل 17 تشرين انتهى”. وأضاف: :النظام السياسي والاقتصادي انتهى. ما يجري في لبنان لا يقاس بالعدد الذي ينزل إلى الساحات.إنَّه يشبه ما جرى في القرن التاسع عشر وسمّيَ العاميَّة، عاميّة انطلياس، عامّيَّة لحفد..في العاميَّة اجتمعت الناس على اختلاف طوائفها ومناطقها. وثورة 17 تشرين عاميّة لأنَّها،للمرَّة الأُولى نزل فيها الناس كأفراد دون انتماء حزبيّ أو سياسيّ أو طائفيّ. نزلوا للدفاع عن مصالحهم وعن كرامتهم. لقد أضعنا خمسة وأربعين سنة. منها، خمس عشرة سنة حرب وخمس عشرة سنة حروب اقتصاديَّة. إنَّها لحظة تأسيسيّة بغض النظر عن المصطلح.لقد حقّقنا في الانتفاضة الكثير من الأشياء بحيث أصبحت قريبة من الثورة. فالتواصل بين الثوّار من طرابلس إلى صور. وشهادة الدمّهذه كلُّها جمعت الناس ورفعت الصُوَر من الشمال إلى الجنوب. هذا المشهد تغيير عظيم.

عبد الصمد

أمّا الأستاذ زياد عبد الصمد فشدد على أن “هذه الثورة هي تأسيسيّة لإرتباطها، مباشرة بعمق التغيير في المدى الثقافي والوعي عند اللّبنانيِّين”.  وأوضح: “نحن في صدد تأسيس عقد اجتماعي جديد عابر للطوائف والمناطق. هو كَسرُ للنموذج الاقتصادي القائم على الصداقات والخدمات وتأسيس نموذج اقتصادي مُنتج لا ريعي. ولتوفير البنية التحتيّة للإنتاج يجب إعادة توزيع الثروات. اللّبنانيون كانوا متساوين في الثورة: الغنيّ والفقير، المرأة والرجل، الشباب والجيل السابق. ثقافة المساواة وحقوق الإنسان هي المدخل إلى القانون المدني للأحوال الشخصيّة. المبدأ الثوري إقتصاديّ.لكنَّ خلفيّته سياسيّة. وأسبابه المحاصَصة الحزبيَّة والطائفيَّة. وعليه، ضرورةالذهاب إلى دستور لا طائفي.ألحصّة الكبرىفي الأزمة في لبنان الاستثماراتوالودائع الخارجيّة.لقد أدّت الأزمة الى تركيع لبنان. إنَّها بالحقيقة ثورة”.

 

طوق

أما الكاتب أنطوان الخوري طَوق، فقال: إن “ثورة 17 تشرين أنهت الحرب الأهليّة ورموزها وشعاراتها. وبيَّنت أنَّ الشعب هو الضحيَّة. خط الخوف افتراضيّ. الثورة كسَّرت الخوف وكسرت هالة الآلهة السياسيين وأعادت لنا إيماننا بالجيل الجديد وبالطاقات القياديّة للمرأة وبقدرتها على اتّخاذ القرارات المصيريّة. بذور وعي لا تُحسب بالأعداد. هناك هويّة وطنيّة جديدة اسمها ثورة 17 تشرين. العلَم اللّبنانيّ قد أخذ حقّه.القِيَم الجديدة كسَّرت الأفكار السائدة. هذه بداية تغيير المجتمع بالثورة الأخلاقيّة”.

مداخلات الحضور

فكانت مداخلات الحضور في تفاعل إيجابي ونقدي بنّاء.وكانت مداخلات مختلفة حولعمل النقابات ودور الأحزاب والتنظيمات السياسيّة ودور المعارضة والمجتمع المدنيّ والمؤسَّسات الثقافيّة. مع التركيز على رفض الفِتَن وقبول الآخر المختلف واهميّة محاربة الفساد واستقلالية القضاء.

*تدوين د. كريستيان صليبا ود. داليا فرح وحسام نصّار من هيئة الكتاب – معا نعيد البناء

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *