لا تخافوا من كورونا الجسد، بل خافوا من كورونا الرّوح!

Views: 631

 د. جيهان الفغالي

أيّتها النّفسُ التّائقةُ إلى السّكينة، الحالمةُ أبدًا، السّالكة ُدروبَ الصّمت، ابتعدي من أجسادنا كي لا يصيبكِ هذا الزائرُ المكلّل الغريب!

بدأنا نُبقي مسافة بيننا وبين كلّ من نلتقي، غير مدركين أنّ القلوب لا تحتاج إلى مساحات جغرافيّة تحدّها!

 نخاف على أجسادنا من ذلك الوباء العالميّ، كورونا، ذاك الذي يصيب الجهاز التنفّسيّ، ويقطع سُبل النجاة، خصوصًا لدى فاقدي المناعة الجسديّة.

ما نحتاج إليه فعلًا، مناعة تقي قلوبنا من الخداع والخبث!

 لم يُخطئ الفيلسوف أرسطو حين قال: إنّ أسوأ أنواع الخداع، خداع النفس!

نحن بحاجةٍ إلى لقاح للقضاء على الشرّ الّذي يسكننا!

كلّا! ليس هذا “الكورونا” مستحدثًا!

أفليس القتل والوأد الجاهليّ، وباءً بِحقّ الإنسانيّة؟!

والغزوات بين القبائل العربيّة، في العصور السّالفة، أليست وباءً اجتماعيًّا؟!

والحروب بين الدول، والدّمار المتناثر، ما هي سوى أمراضٍ سياسيّة!

وما تشرّد الأطفال، ودموع الأمّهات الثكالى،وذاك الجهل القابع في زوايا العقولوالقلوب، سوى كورونا بحقّ الطّفولة، والأمومة، والثقافة!

ناهيك عن إبادات الشّعوب..!

والفقر المدقع في بقاع الأرض! وجبال القمامة التي تزيّن الشّوارع !

أليست كلّها كورونا! أليس سببها انتشار فيروس الحقد والسّلطة الزائفة؟

لا! لا تخافوا من كورونا الجسد، بل خافوا من كورونا الرّوح!

وشتّان ما بين “الكورونَين”!

فــ “كورونا” الجسد يرافقها السّعال والحمّى والتهاب الحنجرة، ومن الممكن إيجاد حلول لها! أمّا كورونا الرّوح فقاتلة، لأنّها تصيب الجهاز التنفّسيّ للفرح، السّلام، والطّمأنينة!

ما نفعُ صحّة الجسد، إن فقدتِ الرّوح التي فينا أملَها بالحياة؟

صدّقوا قول غاندي: “يمكنكَ أن تقيّدني، يمكنكَ أن تعذّبني، يمكنكَ حتّى أنْ تقومَ بتدمير هذا الجسد، ولكنّك لن تنجحَ أبدًا في احتجاز ذهني.”

احذروا بصيرةً حاقدة، وقلبًا مخادعًا!

أيّتها النفس الهانئة، إبقَي بعيدة، كي لا يصيبَناذاك التّاجُ الوهميّ!

فنحن لا نحتاج إلّا إلى الانعتاق من الحَجْر العاطفيّ لقلوبنا النابضة!

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *