هي الدنيا (2 /5)

Views: 610

د. جان توما

هذه الأمثال/ النماذج تقوم على أساس تقليدي راسخ في عقول المتكلّمين بالأمثال الذين لا يخضعون للجندريّة، بل ربما تجد من النساء من تردد هذه الأمثال تأكيدًا على واقع الأحوال، أو استسلامًا لمرّ الحالة الاجتماعيّة في مكان ما.

هذا الأساس التقليدي يقوم على الفهم الخاطىء لدور المرأة في البيت، فـ ” المرة أوّلتا خادمة لزوجها وآخرتا ممرضة إلو”. ولم نجد مثلا يعاكس هذا المثل في الخدمة المتوازنة بين الزوجين. يطلق الرّجل، من باب التوازن التنازلي، أمثال تعزية منها: ” المرا دولاب والرجال جلاّب”، أو في ترجمة أخرى: ” الرجال جنّا والمرا بنّا”. المرأة هنا ” دولاب” و” بنّاءة”، فيما الرجل “جلاّب” و”جنّا”.

قد يكون المعنى  واضحًا في المثلين ولكن ما علاقة الدولاب بالمرأة؟ في العودة إلى أصول المثل نرى أن جذوره مصريّة ( كلمتا الدولاب والجلاب)، وبالتالي فإنّ الدولاب هو الخزانة، وبالتالي ينعكس ترتيب الملابس فيها على حالة الاستقرار في البيت، فرؤية الملابس في دولاب الزوجة في فوضى عارمة دلالة على وجود خلافات ومشاكل بينها وبين زوجها.

هذا يقودنا إلى المعنى اللبناني: ” المرا خزانة والزلم بلا أمانة”. الصورة المضحكة هنا أنّ الرجل بلا درفات آمن ومطمئن، فيما المرأة كالخزانة كلّما زادت درفاتها وأقفالها زيدت أمنا واطمئنانا، على الرغم من اعتراف الألسنة بأنّ المرأة باقية على حيلها وسحرها وقدرتها على تدوير الزوايا فـ ” المرة بتضرب ع ركبتا بتطلّع حيلتا”.

من هنا اعتمد مؤلفو الأمثال وواضعوها على مبدأ التوليد، وهي ظاهرة عرفها النصّ الأدبي، وهي قائمة على استخراج فكرة من فكرة، أو إتمام معنى بمعنى، كما في استكمال” الدولاب” و”الجلّاب” بالمثل:” الأب جلاّب والأخ سلاّب”. هو مثلٌ فيه الكثير من الظلم، لأنّه ليس طالعًا من تجربة عامّة، بل ربّما من تجربة خاصة، ولكن فكرة التوليد انسحبت هنا على الرواية، فكان المثل.

تعتمد الأمثال على الحذر من تصرّفات المرأة، ومن باب الاحتراز تنطلق الأمثال لتنبّه إلى أنّ ” المرة مرارة يا غشيمة يا قهّارة”. هذا يطرح موضوع الثقة الواجبة بين الرجل والمرأة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *