سامية الخوري… الفردوس المفقود وريشة الإبداع

Views: 1274

سمر الخوري

ألوانٌ ألوان.. عبق من الألوان يموج في عالمي الأرض والسماء. والفاصل بين العالمين جليد. جليد أشبه بخط الموت. خط يشبه يدين في ابتهال.

في أعلى اللوحة غيوم تشكلها الأرواح. أرواح يظهر منها وجه امرأة ورجل. المرأة تعتمر قبعة وعلى وجهها ابتسامة رجاء. أما الرجل فيبدو عليه الغضب. يمد يدا باتجاه الأسفل كأنها ترسل موجات الجليد.

وبين العالمين صراع بقاء.

أيكون العالم السفلي هو الجنة تجري من تحتها أنهار الحياة؟

أيكون العالم العلوي هو الموت بما فيه من غضب، ضبابية، وامحاء؟

إن كان الشر هو الرجل الغاضب فوق الوجود فهل تكون المرأة حواء؟

وتنكشف عناصر الصورة في ثنائية الألوان.

في أعلى اللوحة شر رمادي في باطنه زرقة. وهذه إشارة إلى نفي الفكرة القائلة بالشر المطلق.

الفنانة التشكيلية سامية خوري واللوحة التي يضيء عليها النص

 

وفي الجهة المقابلة خير ترهص به الألوان في قوس قزحيتها واختلاطها بين الأزرق المائي رمز الحياة، والأخضر الشجري رمز الخصب، وألوان أخرى هي مزيج بين الزهري والأصفر والبرتقالي مشبع بالحنان.

وعلى خط التماس بين العالمين بياض وجليد. والبياض له ثلاث حراب مسننة في مواجهة الشر، تواجه إحداها يد القدر.

وفي وسط اللوحة خط دفاع عمودي رأسه في السماء، وجذوره في الماء.

في الأعلى غيوم وضباب بلا مطر. وفي عالم الحياة مياه وواحات هي بهجة للنظر. ولكنها خالية من الإنسان.

وإذا عالم الضباب الرماد هو الأرض، أرض الشرور والشقاء.

وعالم الألوان هو الفردوس المفقود 

في عالم الضباب آدم وحواء. توسلاتها إغراء. غضبه اعتراف بما اقترفت يداه. واليد الممدودة باتجاه الجنان تحاول اختراق لعنة العصيان. والجليد حاجز دون العودة إلى الجنان. 

ويلتفت آدم إلى حواء سائلا:متى يذوب الجليد؟

متى ينتهي غضب الموت البليد؟

والجواب صمت ورجاء.

وصمت حواء مريب. صمت يعلن أن الفجر قريب.

أتكون مدركة أن الهوة بين العالمين عميقة عمق الجراح؟

أتنتظر في عمق اغتراب التفاح إطلالة الصباح؟

على ثغرها ابتسامة الموناليزا وفي عينيها كفاح.

لا تهمها العودة إلى عالم قبل الطوفان. تفاحة المعرفة طعمها لذيذ، وفي القلب شغف إلى آدم الفلاح.

آدم يكفيها، وطعم الحب في فيها، وفي أعطافها  هزء بالرياح.

وآدم تثور فيه الكبرياء، بلا رياء؛ كيف يطرد من جنة وهو فيها ما أساء. ويلقي الذنب على النساء.

يتوق إلى سلطانه التليد، قبل عصر الجليد. تقول كفه الممدودة :كفى. كفى اشتهاء لموت ما اكتفى، ولا اشتفى بالطرد بل طلب المزيد. 

خوري الى جانب إحدى اللوحات التي رسمتها مباشرة في ندوة اقيمت بالقصر البلدي/سن الفيل

 

ويردد آدم في سره هذي المناجاة:

حواء يا حلما في الضلوع ارأفي بآدم الولوع، ولا تبوحي بسري الرضيع. سأعود يوما  إلى الجنان، شراعي الحب في الجنان. قسما بالحب، سأعيدك إلى عالم الألوان.

في أسفل الجنة أكواخ من القرميد، على ضفة الكوثر العميد، تنتظر أن يحقق آدم القسم، في وعد الخلاص، بلا تناص، فتعود الوحدة إلى ما انقسم.

سامية الخوري، طوبى لك يا ريشة الإبداع، اقبلي مني صلاة اليراع، ابتهالة الذراع، وقبلة القلم.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *