رِفْقًا أَيُّهَا الْبَشَرُ

Views: 762

محمد نعيم بربر

 

لِمَنْ تُغَنِّي الرِّيَاحُ الْهُوْجُ وَالْمَطَـرُ؟!

وَيَعْزِفُ اللَّيْلُ وَالإِعْصَارُ والشَّجَـــرُ

فَفِي الْغِنَـــــــاءِ مَوَاوِيْلٌ وَأَدْعِيَــــــةٌ

يَحِنُّ فِيْهَــا الْهَوَى وَالسَّمْعُ وَالْوَتَــــرُ

تَهِيْمُ فِيْهَـــا قُلُوْبُ الْعَــاشِقِينَ لَهَـــــا

عِنْدَ الصَّبَاحِ فَفِيْهَا الْعِطْرُ وَالزَّهَـــرُ

كَأَنَّ عَزْفَ لَيَالِــــي الرِّيْحِ أُغْنِيَـــــةٌ

تُفَتِّقُ الدِّفْءَ فِي قَلْبِــــي فَيَسْتَعِــــــرُ

يُخَالِطُ الشَّجْوَ فِيْهَــــا لَحْنُ مُنْشِدِهَــا

وَيَحْضُنُ الْعَيْنَ فِيْهَا الشَّوْقُ وَالنَّظَــرُ

يُهَامِسُ اللَّحْنُ فِيْهَا أُذْنَ عَاشِقِهَـــــــا

وَتَسْتَفِيْقُ بِهَـــا الأَلْوَانُ وَالصُّــــــوَرُ!!

أَمَّا دَوِيُّ صَرِيْرِ الرِّيْـــحِ يَعْقُبُـــــــهُ

شَرُّ الْعَوَاصِفِ وَالأَهْوَالُ وَالشَّـــرَرُ

تَسُوْدُ فِيْهِ مِنَ الزِّلْزَالِ صَيْحَتُـــــــهُ

وَمِنْ جُنُوْنِ الصَّدَى سُخْطٌ وَمُزْدَجَرُ

إِذَا تَمَـــادَتْ بِجُنْحِ اللَّيْلِ عَاصِفَـــــةٌ

فَلَيْسَ يَعْصِفُ إِلاَّ الوَيْلُ وَالْخَطَــــــرُ

كَأَنَّمَا غَضَبُ الدُّنْيَـــــا إِذا غَضِبَـــتْ

هَوْلٌ عَلَيْنَا ، فَمَا يَبْقَـــــى لَنَـــا أَثَــــرُ

خَبَّأْتُ خَلْفَ جِدَارِ الصَّمْتِ أَشْرِعَتِي

خَوْفًا عَلَيْهَا ، فَبَعْضُ الْحِكْمَةِ الْحَـذَرُ

وَرُحْتُ أَبْحَثُ عَنْ طَوْقِ النَّجَاةِ بِهَا

أُصَارِعُ الْخَوْفَ فِي نَفْسِي وَأَزْدَجِـرُ!!

فَمَا الطَّبِيْعةُ إِلاَّ صَوْتُ مُبْدِعِهَــــــا

يَعُمُّ فِيْهَـــــا قَضَــــاءُ اللهِ وَالْقَــــدَرُ

يُمَجِّدُ اللهَ فِيْهَــــا حُسْنُ صَنْعَتِــــــهِ

فَمَا يُخَالِفُهَـــــــــا فِي النَّاسِ مُقْتَـــدِرُ

فَهَذِهِ الأَرْضُ ، أَرْضُ اللهِ قَاطِبَــــةً

وَالنَّاسُ فِيْهَــــا أَمَانَاتٌ وَمُدَّخَـــــــرُ

لِمَ الْحُرُوبُ الَّتِي نَسْعَى لِنُشْعِلَهَــــا

لِمَ الْمَجَاعَاتُ وَالأَحْقَادُ وَالضَّـــرَرُ

لِمَ الصَّوَارِيْخُ في الأَجْواء هَــادِرَةٌ

لِمَ القَنَابِلُ وَالأَلْغَـــــــــــامُ تَنْفَــــجِرُ

لِمَ الْبَوَارِجُ فِي عُرْضِ الْبِحَارِ وَمَـا

نَفْعُ الْحَضَارَاتِ بِالأَحْقَادِ تَنْتَحِــرُ؟!

فَالعَقْلُ يُفْسِـــــدُهُ بِالشَّرِّ ، طَاغِيَــــةٌ

وَقَدْ يُدَمِّرُهُ ،  بَـــــــاغٍ  وَمُحْتَقَـــــرُ

وَالْكَونُ أَضْحَى أَسِيْرًا ، سَادَهُ نَفَــرٌ

مِنَ الطُّغَــــاةِ بِأَمْــرِ الْحِقدِ تَأْتَمِــــرُ

إِنْ لَمْ نُسَارِعْ بِصَوْتِ الْحَقِّ نَعقِلُـهُ

فَلَيْسَ يَعْقِلُـــــهُ الطَّاغُوْتُ وَالْحَجَــرُ

تَعَادَلَتْ حِكْمَــــــةُ الْخَلاَّقِ ظَاهِــرَةً

فِي الْكَونِ وَانْكَشَفَتْ آيَاتُهُ الْكُثُــــــرُ

هَذِي الطَّبِيْعَـــةُ أُسْتَـــــــاذٌ يُعَلِّمُنَــــا

سِرَّ الْحَيَاةِ ، فَرِفْقــًا أَيُّهَا الْبَشَــــرُ!!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *