كالعادة، أناسٌ يضحّون وآخرون يستثمرون

Views: 871

العميد الركن أنطون مراد

إن استباق جمعية المصارف لقرارات الحكومة وإعلانها الإقفال حتى اليوم نفسه الذي أعلنته الحكومة(٢٩ آذار) دفعني للخوف من أن يكون هذا الإجراء عملًا خبيثًا من المصارف، بهدف منع المودعين من إجراء أية تعديلات على ودائعهم، بانتظار صدور قانون الكابيتال كونترول الذي تعمل الحكومة على استصداره من مجلس النواب.

ولكن ما أراحني، هو مسارعة وزير المالية الدكتور غازي وزني إلى تأكيد رفضه قرار المصارف بالإقفال، معتبرًا  أن القطاع المصرفي هو قطاع حيوي وأساسي في حياة الناس اليومية، مضيفًا أنه يمكن تنظيم دوام العمل واتخاذ الإجراءات المطلوبة التي أكّد عليها مجلس الوزراء من أجل تلبية حاجات الناس في هذه الظروف الصعبة والدقيقة التي نعيشها.

في حال صحّ خوفي، فإن هذا العمل سيزيد فقدان الثقة بين المودعين والمصارف وستكون الحكومة أمام اختبار جديد لتثبت حرصها على مصلحة المواطنين وتعزيز ثقتهم بها، بعد أن أصبحت الثقة بين المواطن اللبناني ودولته شبه معدومة نتيجة ممارسات الحكومات السابقة التي اقترفت أبشع الجرائم بحق المواطنين من فساد وسرقة وصفقات يندى لها الجبين أوصلت اللبنانيين إلى الواقع المذري الذي يعيشونه اليوم. 

بانتظار أن تتوضّح الصورة، سأحافظ على إيجابيتي وأشكر الحكومة على الجهود التي تقوم بها لمعالجة الأزمات التي تخنق لبنان وآخرها وأخطرها فيروس الكورونا. على الأقل أرى رئيس حكومة ووزراء لا غبار عليهم  ينشطون ويعملون ليل نهار لمعالجة الملفات المثقلة التي ورثوها من الحكومات السابقة. وقد جاء فيروس الكورونا ليزيد على أكتافهم عبئًا إضافيًا تنوء في حمله الدول المتطوّرة. وقد اتخذت هذه الحكومة حتى الآن مجموعة إجراءات ستنجح ان شاء الله في السيطرة على هذا الفيروس وترفع عن اللبنانيين هذا الكابوس بأقل أضرار ممكنة.

مقابل الجهود الجبارة التي تبذلها الحكومة، أرى سياسيين ومحلّلين لا يفارقون الشاشات، لا يفعلون شيئًا سوى الانتقاد، ينتقدون كل إجراء تقوم به الحكومة ويحاولون إظهاره بشكل سلبي ولا يعترفون بأية إيجابية في عملها. يتكلّمون بوقاحة فجّة وينسون أنهم شاركوا في السلطة لفترات طويلة وأثبتوا فشلهم ورسبوا في امتحان إدارة البلد.

أخيرًا، لا بد لي من أن أنحني إجلالاً أمام الجنود المجهولين من أطباء وممرضين وصليب أحمر وإداريين وجميع العاملين في مجال مكافحة فيروس الكورونا فهم يعرّضون حياتهم للخطر اليومي للقضاء على هذا الخطر دفاعًا عن لبنان واللبنانيين وعن الإنسانية جمعاء.

هؤلاء مغاوير يستحقّون منا كل التقدير والاحترام، ولكن بالاضافة إلى ذلك يستحقّون بدل أتعابهم. لذلك، أقترح اعتبارهم كعناصر برتب مختلفة من الجيش اللبناني ويجب منحهم التعويض رقم “3” وربما رقم “4”، لأن هذا الفيروس هو بخطورة العدو الإسرائيلي لا بل أكثر.

على أمل أن يكون الغد أفضل، دعونا ننتظر قليلًا ونعطي هذه الحكومة الفرصة اللازمة لنحكم عليها. لبنان اليوم في أزمة وطنية وفي زمن الأزمات يتعالى الجميع عن الصغائر. الوقت الآن هو للتعاضد والتضامن لا للاستثمار السياسي الرخيص.

حمى الله لبنان من غدر أعدائه ومن جهل وأنانية أبنائه.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *