عطر، أحمر شفاه وقطعة شوكولا…

Views: 2

أمل سويدان

لقد كانت المرة الأولى التي يدعوني فيها أحدهم للشاي، سألته عن سببها فقال: دعيها تمر كأنها مجرد لقاء.

رفضتُ دعوة، اثنتين، وأكثر لكنني في النهاية استسلمت للرغبة التي أسكتتْ كبريائي على الدوام. لم تغب عن بالي أساليب الفتيات اللواتي اعتدن تعمد إظهار اللامبالاة حين كان يأكلهن الفضول في خوض غمار الممنوعات. الممنوعات من الحب، الإحساس، التقبيل، وحتى تحديد أماكن الاجتماع. أولئك الفتيات اللواتي يظهرن بأجساد نساء وقلوب مراهقات قلدتهن ببراعة وأنا أنظر إلى نفسي باستهزاء. (Xanax)  

ذهبت لملاقاته مرتدية الأسود والكثير من أحمر الشفاه مع كعب أسود يميل به خصري كميْل شرائط “الغيتار”. 

وصلت، وإذ به يتصفح ملامحي من الألف للياء زاعماً أنه سيسأل النادل عني إن أتيت أم فاتني اللقاء..

لا ألومه لأن الصبايا تخفي عيوبها في صورها على مواقع التواصل وتحب التفاخر كما لو أنها أجمل النساء… 

عرفته من بعيد ذاك الأسمر ذا الصوت الجميل والكلام المثير، يجلس عند الزاوية مقابل لوحات النساء العاريات، لم يعنني المكان كثيراً بقدر ما كنت مهتمة جداً بمعرفته… 

مضت ساعة تلو الأخرى وكلانا في إنجذاب… أهذا هو الحب؟ أم لعلها بضع غرائز تستنفر ولا سلام؟ أأخطأتُ في المجيء؟ أما كان عليّ سماع داخلي؟ لقد قادتني عواطفي للجحيم اللهم عونك في الانسحاب!!!

 صار يناديني بحلوته، بعالمه الممزوج بلون عينيّ الأزرق حين يغيب الأخضر عن المكان، ثم لقبني بسُكرته، لكنه أعلمني سابقاً أنه مع السكر في خصام! 

صاح للعامل طالباً قطعة من الشوكولا، ناظراً إليً كما لو أنني الحلوى ذاتها…

 لم تخلُ الجلسة من اللمسات والنظرات التي لطالما أردتُ نسيانها، عادت واستقرت في البال؛ إلى أن حان وقت الرحيل قبل حلول المساء، لأن المرأة في مجتمعي ممنوعة من الليل، من العتمة، خشية أن تضاجع نفسها أو تراودها أفكارها  نحو عالم تلك الأشياء…

مشينا حتى الحافلة وكانت هناك محطة الوداع – أنا ودعتُ نفسي الآن-  فجميع هواجسي أصبحت حقيقة والقبلة باتت على شفاهي مبعثرة أحمر الشفاه، العطر امتزج بالعطر، والأيدي تشابكت خائفة من الهروب نحو الحائط بغير تفكير أو نظر عن حال الختام.

مضى الليل وأنا في خجل من نفسي لما دار فشفاهي ما عادت تلك الشفاه الناعمة، رائحتي نكرت معرفتي، عنقي ويداي أشبه بلوحة غاضبة رُمي عليها الألوان.. 

حسناً لقد أشرق الصباح وأنا أراسل نفسي في الحلم طوال الساعات، وعند الاستيقاظ أدليت بلا تردد بأنني له في اشتياق، أرسلت مرة، والثانية فيها اعتراف: نعم أحببتك وأحببتُ كل شيء حدث، لكنني للأسف لم أحظَ بجواب!

 اتصلتُ كثيراً لكن أملي خاب… لم يكن الشاي من جمعنا يوماً ما، ولا المشاعر المكبوتة خلف شاشة الهاتف من دفعت بنا للجلوس معاً مقابل اللوحات، بل كانت أنانيتنا في الامتلاك.. الرجل الشرقي يسعى لامتلاك جميع أجساد النساء، أما المرأة الشرقية فتركض خلف استحواذ جميع الأنظار…

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *