ذكرُكِ صلاة…

Views: 802

  لميا أ. و. الدويهي

ها إنَّ الأرض والسَّماء تعلنُ فصلَ الرَّبيعِ مَوجَ أعياد، ففيه تتفتَّحُ أساريرُ الإنسان وينفرجُ قلبه ويتذكَّرُ حبَّهُ الأوَّل الذي أوجدهُ حيًّا بينَ الخلائق وأطلقهُ للحياة مُشبعًا بزادِ السَّماء الحالل في قلبِ الأمهَّات…

أُمِّي قدَّستُ حُبَّكِ لمَّا تعرَّفتُ إلى ربِّي، فكنتِ صورتَهُ الأزليَّة في الزَّمن، وكنتِ العمقَ الذي يُهدي الإنسان إلى دربِ الحياة… 

لن أقولَ كم ضحيَّتِ ولا كم سَهرتِ ولن أذكرَ عُمرَكِ الذي أفنَيتِهِ مجَّانًا على مذبحِ الأمومة، بل سأقول طوباكِ أُمَّاه، لقد استحقَّيتِ مجدَ السَّماء، لمَّا كلَّلتكِ الأرضُ أُمًّا في الحياة… 

أغنَيتِ قلبي بالحنان وأنرتِ عقلي من الكمال الذي غرفتِهِ من نبعِ الإله، وبرغمِ آلام هذا الدَّهر جعلتني إنسانًا سعيدًا، قنوعًا، راضيًا، حَليمًا، مُثابرًا، رسولًا يُعلنُ الحُبَّ للمَلأ، كيانًا حُرًّا اعتنقَ الإنسانيَّة وجدانًا لأنَّه تغذَّى من عُمقِ روحِكِ المَسكوبة طاعةً أمامَ الإله، والقانعة بتدابيرِهِ، الصَّامتة في وقتِ التَّجارب، المُستندة على رجاءٍ اكتسبَتهُ من جوفٍ سماويٍّ سرمديٍّ فاض من عمقِ الأرض وغذَّى الإله المتجسِّد في الأكوان منذ أكثر من ألفَي عام…

أُميِّ، كم يحلو لي أن أُناديكِ فأتذكَّرَ كُلَّ تعاليمكِ وإرشاداتِك التي نقلتها لي بحكمة وعبرة وسلَّحتني بالصَّبر لأواجِهَ الحياة والذَّات…

أُمِّي، كنتِ أنتِ مُلهِمتي وقُدوتي… ولا زلتِ…

أُمِّي… ذِكرُكِ صلاة أتلوها في كُلِّ آن، أُسبِّحُ بها الإله وأمشي قُدُمًا في الحياة، فمنكِ تعلَّمتُ أن أُمجِّدَ السَّماء لترعاني مدى الحياة…

٢٠/ ٣/ ٢٠٢٠

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *