مقاربة جديدة للمشاكل النفسية العصبية  في زمن كورونا

Views: 1075

البروفسور فادي أبو مراد

منذ اعلان اول إصابة في لبنان بڤيروس الكوڤيد ١٩ في ٢١ شباط ٢٠٢٠ بلغ عدد الإصابات ليوم الجمعة (٢٧ آذار ٢٠٢٠) ٣٩١ حالة مؤكّدة على مساحة البلد .ومن المتوقع ان يزداد العدد بعد كتابة هذه السطور، إذ أصاب الوباء حتى تاريخه في العالم ٥٥٢ ألف حالة، وهو أيضًا في تصاعد حتميّ.

هذا وفي ١٥ آذار ٢٠٢٠ أعلنت السلطات المختصة التعبئة العامة وطلبت من الناس ملازمة منازلها وبعد ذلك تمّ تجديدها لفترة إضافية تصل ل ١٢ نيسان ٢٠٢٠ وهي متوقعة أن تطول أكثر.

إنّ هذا الوباء “الصديق”، كمّا سمّاه متروبوليت جبل لبنان المطران سلوان موسي،  أدخل في ذهنية الناس، بسبب التوجيه الإعلامي العالمي المُمنهج،  إمكانية الموت بعد الإصابة هذا بالإضافة الى ضغوط نفسية لا تُطاق. لذا وأمام هذه العاصفة الاستثنائية الطارئة على الصحّة العامة،  يَبقى الناس عِرضَة لمشاكل نفسيّة عصبيّة وعقليّة متعدّدة الوجوه، يُعزّزها الحَجر الصحّي بحدّ ذاته ، إضافة لملازمة المنزل وقد يضطر أحد أهل البيت ملازمة منزله منفردًا في حال السفر، ولم يستطع العودة قبل إقفال المطار المحلي، أو في الدولة التي انتشر  فيها هذا الوباء. يعود هذا الى أنّ تلك الإجراءات تُبعد الناس تدريجياً عن بعضها البعض. كما أنّه أمام الغياب الحادّ والطارئ لكلّ تفاعل اجتماعي، تزداد أو تتعاظم ظواهر الكآبة والقلق. في الوقت عينه، يُحدِث هذا العزل تراجعًا في إمكانية الحصول على استشارة، او متابعة نفسية عصبية ذات جودة.

 من الضروري استنباط حلول لهذه المعضلة تُساعد في تخفيف حِدّة الظواهر على المرضى، كاستعمال منصّات التواصل الاجتماعي، اي التواصل عبر الشاشات، وهذا  يُمكن ان يكون حلاً فعالا يُعتمد، كما يُمكن، في الوقت عينه، تنمية استشارة مكتوبة هادفة يمكنها ان تساعد في هذا التعهّد الطارئ، فيما لو تعذّر التواصل مع الأطباء او المعالجين النفسيين عبر الشاشات لأسباب عديدة.

تشكّل كتابة رسالة منظّمة وهادفة في هذا المجال نوعًا من هذه المقاربة الفعّالة في هكذا زمان، وأمام مشكلة بهذا الحجم. في هكذا تدخل يمكن العمل على الدمج بين المعاينة والتشخيص والعلاج. كما أنّ رسالة من هذا النوع تتضمّن من طرف المريض: التعريف عنه، عمره، مستواه العلمي، قطاع عمله، الأمراض التي يشكو منها، تحديد المشكلة والسؤال الواجب طرحه، وصف حالته كما يراها هو: ( قلق، كآبة، خوف، فقدان الأمل، …).

إنّ هكذا مساهمة تسمح للمعالج النفسي العصبي، او الطبيب توجيه رسالة جوابيّة توضح الاحتمالات الممكنة للاضطرابات، وكيفية التصدي لها، والتأقلم معها. هذه أفكار موثّقة علميًّا تسمح بتعزيز المواجهة والتضامن في مثل هذه المِحَن.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *