الخفاش وعالم الافتراض
د. يوسف عيد
هل يصدّق أن وليمة خفاش قد حكمت على الكرة الارضية بهذا المصاب الاعظم؟ هكذا قيل لنا. تحاول بلد الخفافيش الخروج من مصيبتها، وقد هانت عليها، وبدأت تصعب على الكرة الارضية برمّتها. بات من المؤكد أن العالم بعد كورونا لن يكون كما كان قبله. إني أرى أن بلاد السور الاعظم ستقود العالم الى نظام اقتصادي جديد لم نر مثيلا له سابقا، وهذا يعني أن بلاد العم سام ستنهار تحت ضربات الخفافيش، وبالتالي إن الدولار ملك الاقتصاد الحالي سيسقط في جحيم الوليمة الصينية، وستنهار المنظومة العالمية المرتبطة باقتصاد الملك. ستزول دول وحدود وشعوب، وستفرخ دول جديدة وحدود جديدة وشعوب جديدة. أحاول في عزلتي الاجبخارية أن أرى ما يراه سواي، أو ما لا يراه، أن الصين ستقود العالم الجديد، وقد أقدمت وهي في ذروة مصيبتها، على شراء الاسهم الاميركية والاروبية كلها، وباتت المفاتيح الاقتصادية بعهدتها. أفلا يعقل أن يكون العقل الصيني قد دبّر هذه المكيدة للعالم؟ باتت الامور لدي شبه مؤكدة بأن حضارات ستزول، وستتسلّم حضارات أخرى زمام القيادة في العالم.وأن مفاهيم كثيرة ستتغيّر وتتبدّل، ومفاهيم أخرى لم نعرفها أو نتعرّف إليها ستغزو الدنيا.
إنه لأمر طبيعي أن نعيش مرحلة انتقالية من الواقعية البرغماتية المدولرة الى الافتراضية الوهمية المرقمنة. نحن في حال تهيوء للعيش في عالم الافتراض. ولمَ لا؟ فالتعليم افتراضي، والتربية افتراضية، والادب افتراضي، والشعر افتراضي، والحياة افتراضية، والواجبات العائلية افتراضية. عالم جديد في الصداقة الافتراضية، والحب الافتراضي، والقيم الافتراضية، والجمال الافتراضي، والتنمية الافتراضية، والسلوك الافتراضي. المرض افتراضي والدواء افتراضي، والعزلة افتراضية، والكتابة افتراضية، والسلام افتراضي، والحرب افتراضية، والاخلاق افتراضية، والصلاة افتراضية.
أما ناهبو المال العام في بلادي فكورونا قد حوّل أموالهم الى افتراض، إلا رجال الحكم فهم لايزالون في العالم القديم العقيم، يتكابشون على مناصب واهية لوطن أضحى في مهبّ الكورونا مولولا. ألسنا ندور في حلقة الافتراض؟ والاحزاب والثورة في الحجر الافتراضي؟
هذا ماجناه علينا الخفاش، فهل تنتظر الحكومة دودة أو ثعبانا أو فأرة لتدخلنا في حجر جديد قبل أن تستوعب التغيير العالمي بعد الكورونا فتصلح حالها قبل طوفان الموت الآتي على جميع الاصعدة؟
