ولاية المواطن ولاية الثورة

Views: 436

حسن عجمي

(كاتب لبناني)

تدعو هذه الحملة إلى استمرار الثورة السلمية في لبنان والعراق والجزائر والعالَم العربي بمشرقه ومغربه من أجل تحقيق ولاية المواطن وانتصارها على أية ولاية سياسية واجتماعية وثقافية أخرى. فلا مواطن بلا ولايته ولا وطنٌ بلا مواطن.

الثورة الحقيقية تُطوِّر الإنسان والمجتمع. وأفضل تطوّر هو التحوّل من حُكم السياسيين إلى حُكم المواطن. ويسود حُكم المواطن متى توحّدت السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في أيدي المواطنين بالإضافة إلى تواجدها بشكل منفصل عن بعضها في مؤسسات الدولة. فولاية المواطن هي حُكم المواطن من خلال توحيد السلطات المختلفة في سلطة واحدة ألا وهي سلطة المواطن واعتبارها السلطة الأعلى في الدولة والمجتمع.

مثل على توحيد السلطات في يد المواطن هو التالي: يُصوِّت المواطنون على التشريعات ومبادىء الدستور وتفاصيله فلا يُعمَل بأي تشريع أو دستور بلا أن يكون قد صَوَّتَ الشعب عليه. هكذا يتحكم المواطنون بشرائع الدولة فيحق لهم بأن يقترحوا شرائع معينة وأن يُصوِّتوا لها أو ضدها ما يضمن مشاركة المواطن في السلطة التشريعية. ومثل على مشاركة المواطن في السلطة التنفيذية هو حق المواطن في التصويت على اعلان الحرب أو السِّلم فلا اعلان لحرب أو لسِّلم بلا تصويت المواطن عليه. أما مثل على مشاركة المواطن في السلطة القضائية فهو حق المواطن في الحكم على الفاسدين وسارقي الدولة بأحكام جرمية وأحكام خيانة الوطن ومحاكمتهم بأحكام مُصوَّت عليها من قِبَل الشعب. هكذا تتوحّد السلطات في قرار المواطن ويصبح المواطن مشاركاً فعّالاً في السلطات المختلفة.

الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ضروري لكي لا يستفرد شخص بالسلطة فيمسي طاغية. لكن وإن وُجِدَ الفصل بين السلطات فهذا لا يلغي إمكانية وجود جماعة من الطغاة يستفردون بالحكم من جراء تحكمهم بالسلطات المنفصلة تماماً كما حَدَثَ ويحدث في لبنان حيث تحكم جماعة من طغاة تتكوّن من طغاة الطوائف المتحكمة بالسلطات المختلفة. من هنا لا بدّ من توحيد السلطات المختلفة في سلطة واحدة هي سلطة المواطن بحيث تعمل هذه السلطة الأعلى المُوحِّدة للسلطات على مراقبة ومحاسبة السلطات الأخرى فتمنع تفرّد جماعة معينة من الطغاة بالحكم. عندما تتحد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في أيدي المواطنين فحينئذٍ سوف ينجح المواطنون في تقليص استفراد جماعة معينة بالحكم لأنَّ المواطنين حينها يصبحون المصدر الأساسي لأي قرار تشريعي أو تنفيذي أو قضائي ولأي دستور أو ميثاق سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي. 

على ضوء هذه الاعتبارات, توحيد السلطات في أيدي المواطنين ضروري لإلغاء أي نظام ديكتاتوري محتمل فضروري لتحقيق الحرية والعدالة تماماً كما الفصل بين السلطات ضروري أيضاً. فبالإضافة إلى فصل السلطات لا بدّ من توحيدها فتنفصل السلطات إلى سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية كما هو الحال في الدولة الحديثة ولكنها تتحد أيضاً في أيدي المواطنين وقراراتهم. وبذلك يصبح الوطن قرار المواطن فتتحقق ولاية المواطن. لا وطنٌ حُرّ ومستقل بلا حرية واستقلالية مواطنيه من خلال بناء دولة على ضوء قرارات المواطنين. فالوطن قرارات المواطنين الحُرّة والمستقلة ضمن نظام ولاية المواطن.

تكمن ولاية المواطن في حُكم المواطن بدلاً من حُكم السياسيين والأحزاب السياسية. وبذلك في نظام ولاية المواطن يصبح المواطن سلطة أعلى تحاسب السلطات الأخرى وتصوغ قوانين الدولة ما يضمن حرية المواطن في عملية بناء وطنه ويضمن استمرارية ثورة المواطنين من خلال محاسبة المواطن المستمرة لسلطات الدولة. هكذا ولاية المواطن هي ولاية الثورة المستمرة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *