“قوة الشفاء في الفاكهة” (6)… البرتقال Orange فاكهة جميع الناس من دون استثناء

Views: 1831

خصّت الدكتورة أماني سعد ياسين، مشكورة، موقع Aleph-Lam  (مجلة Superstar) بحقوق النشر الالكتروني لمضمون كتابها  “قوة الشفاء في الفاكهة” (الدار العربية للعلوم ناشرون ش.م.ل)، لما له من فوائد صحية، بخاصة لجهة تقوية مناعتنا طبيعيًا في زمن فيروس “الكورونا” المرعب، الذي يجتاح العالم. في ما يلي الحلقة السادسة.

 

 

د. أماني سعد ياسين

أنواع البرتقال عديدة تزيد على مئتي نوع تقريباً إذا أحصينا الثمار الحمضية الشبيهة. نجده حيثما ذهبنا في فصل الشتاء، وفي ذلك حكمةٌ ربَّانية بسبب غنى هذه الفاكهة بالفيتامين C، المسؤول الأوَّل عن مكافحة عوارض الكريب والإنفلونزا والنزلات الصدرية الشائعة في هذا الفصل.

وشجرة البرتقال هي شجرة دائمة الخضرة، دائرية الشكل مع ساقٍ ملساء بنيَّة اللون. تظل تثمر لما يزيد عن نصف قرن، بمعدّل مئة برتقالة في السنة كحد وسطي.

 

مكوناته

للبرتقال قيمة غذائية وطبية فهو من أهم الفواكه وأغناها على الإطلاق.

أول ما يتبادر إلى الأذهان حينما يُذكر البرتقال هو أنه من أغنى المصادر الغذائية بالفيتامين C، وأنه حاجة فعلية في فصل الشتاء للوقاية من أمراض هذا الفصل الشائعة كالكريب والأنفلونزا، بسبب خاصيته المضادة للالتهاب. إلا أن ما لا يعرفه غالبية الناس فهو أن البرتقال يحتوي أيضاً على الكثير من العناصر الغذائية والدوائية المهمة، حتى أنه يعتبر بحق الفاكهة المثلى، فهو دواء بكل ما للكلمة من معنى إضافة إلى كونه غذاءً ولذة للآكلين.

ويحتوي البرتقال على أربعة مركّبات كيميائية دوائية مهمة هي الليمونِن (Limonin)، الليمونين (Limonene)، الليمونين غليكوزيد (Limonene glucoside) والهيسبيريدين (Hesperidin) وهذه جميعها لها مستقبل واعد في محاربة مرض السرطان ومنعه من التفشّي في الجسم.

 

المركّبات الدوائية الفعّالة

Limonene Vitamin C

Hesperidin       Folic acid (B9)

Rutin       Potassium

Pectin      Fiber

الليمونين (Limonene) زيت طيار موجود في قشور الحمضيات الطازجة والمجففة.

أما الهيسبيريدين (Hesperidin) فهو من مجموعة الفلافونويدات (Flavonoids)، وهو الفلافونويد الغالب في البرتقال والحمضيات الأخرى. وهو موجود بوفرة في القشور والأغشية الداخلية لهذه الثمار. من هنا، فإن عصير البرتقال الذي يحتوي أيضاً على اللبّ هو أغنى من ذلك المصفّى. والبرتقال هو أغنى الحمضيات بالهيسبيريدين الذي يُستعمل، مضافاً إلى الديوسمين (diosmin)، كدواء فعّال لمعالجة الدوالي والبواسير، وكل ما له علاقة بكسل الأوردة، فهو يقوِّي جدران الأوردة ويمنع من ارتشاح السوائل عبرها ما يسبِّب تورّم القدمين والساقين وهي حالة مرضية شائعة يعاني منها الكثير من الناس.

هذا إضافة إلى أن البرتقال هو من أغنى المصادر الغذائية بحمض الفوليك (Folic acid) حيث تحتوي الحبة المتوسطة الحجم على 50 ميكروغراماً منه أي ما يقارب ⅛ حاجة الجسم اليومية من هذا الفيتامين الأساسي (حاجة الجسم اليومية 400 ميكروغرام).

ويحتوي أيضاً على كميات لا بأس بها من الفيتامينات الأخرى وخاصة مجموعة الفيتامين B والأملاح وأهمها الكالسيوم (75 ملغ في الحبة الواحدة) والنحاس والزنك والمغنيزيوم والفوسفور والبوتاسيوم والسلينيوم.

 

اكتشاف الفيتامين C

وتعود قصة اكتشاف الفيتامين C إلى القرن السادس عشر وهو عصر الرحلات البحرية والاكتشافات الجديدة التي قام بها الملاحون المعروفون في ذلك الوقت أمثال فاسكو دي غاما وماجِلاَّن وغيرهم، وقصص رحلاتهم ما زالت تُذكر حتى وقتنا هذا.

إلا أن قلة من الناس مَن يعرف أن فاسكو دي غاما وماجِلاَّن خسرا عدداً كبيراً من بحّارتهم في هذه الرحلات، وذلك بسبب إصابتهم بداء الحفر (الإسقربوط Scurvey) الذي لم يكن معروفاً حينها. ويعاني المصابون بهذا الداء من تورُّم اللثّة ونزفها ومن النزف تحت الجلد، كما يعانون من الوهن والكسل الشديدين وعوارض كثيرة أخرى. وكان المرضى يمتنعون عن الطعام حتى الموت. وذهب الأطباء حينها مذاهب شتى في تعليل أسباب هذا المرض الفتَّاك، فمنهم مَن قال إن السبب هو انسداد في الطحال ومنهم مَن قال إن السبب هو زيادة في إفرازات المرارة وبعضهم علّل السبب بالخمول والكسل، وهكذا دواليك.

وفي ذلك الوقت، اتفق أن سفينة تجارية سافرت وأتمَّت رحلتها من دون فقدان أيٍّ من طاقمها. وقد لاحظ طبيب السفينة أن طاقم السفينة تزوَّد قبيل الرحلة، على خلاف السفن الأخرى، بزجاجات من عصير الليمون المركّز، وكان البحّارة يتناولون منه يومياً بضع ملاعق. في حين كان المتعارف عليه آنذاك أن يتزوّد البحّارة بكميات كبيرة من اللحوم المحفوظة أو المُملَّحة والخبز من دون أن يأخذوا معهم فاكهة أو خضاراً، وإن فعلوا فبكميات ضئيلة جداً إذ كانوا يعتبرونها غير أساسية حتى يحملونها معهم في رحلتهم.

وهكذا بدأ هذا الطبيب يدعو إلى الاستفادة من عصير الليمون في أثناء الرحلات، وما لبث أن اقتدى به آخرون وعرف الناس حينها أهمية الحمضيات والفواكه والخضار بشكل عام ودورها في الوقاية من هذا المرض الفتّاك.

الآن وبعد مرور مئات السنين توضّحت الصورة أكثر فأكثر، وظهرت فوائد للفيتامين C لم تكن معروفة من قبل، وتهافت صنّاع الأدوية على إنتاج كميات كبيرة من أقراص الفيتامين C بأسماء مختلفة ولشركات عدة، وأكثرها إن لم نقل كلها لا تنافس المصدر الأصلي أي الفاكهة والخضار. فتسعون بالمئة من الفيتامين C في الغذاء مصدرها الفاكهة والخضار والحمضيات والجوافا والفريز في الفاكهة، والفلفل الأخضر والأحمر الحلو والحرّيف والقنّبيط والملفوف وغيرها في الخضار. أما حاجة الإنسان اليومية للفيتامين C فهي 75 ملغ، وتكفي حبة واحدة متوسطة الحجم من البرتقال لتأمين هذه الحاجة بل وأكثر (86 ملغ تقريباً). ويكفي تأمين 5–10 ملغ من الفيتامين C في الغذاء للوقاية من داء الحفر (Scurvey). من هنا، فإن هذا المرض الخطير نادر جداً في الدول المتطوّرة حيث يستهلك الإنسان العادي أكثر من هذا بكثير.

 

اكتشاف البيوفلافونويدات (Bioflavonoids)

ومن عجيب الخلق أيضاً أن العلماء اكتشفوا مادة أخرى الموجودة بوفرة في البرتقال والليمون والكريب فروت أسموها البيوفلافونويد (Bioflavonoids). ويعود الفضل في هذا الاكتشاف إلى العالم البيوكيميائي آلبرت سانت جيورجي الذي اكتشف أيضاً حامض الأسكوربيك (Ascorbic Acid) أي الفيتامين C، فقد اكتشف مواد أخرى في الحمضيات أسماها الفيتامين P وهي نفسها التي تدعى اليوم البيوفلافونويد، فهي ليست فيتامينات، بل هي مركبات كيميائية تعمل مع الفيتامين C وتقوِّي عمله – بحسب قول هذا العالم الكيميائي الشهير – في حفظ صحة الأوردة والشرايين الصغيرة في الجسم وتقويتها. علماً أن ضعف هذه الشرايين الصغيرة هو السبب الرئيسي للنزف الذي كان يصيب البحّارة حينذاك.

أما الآن فهناك شركات كثيرة تُصنِّع أدوية تجمع الفيتامين C مع البيوفلافونويدات من أجل نتيجة أفضل.

هناك البيوفلافونويدات المستخرجة من الكريب فروت أمثال الكيرسيتين (quercetin)، النارنجنين (naringenin) والكامبفيرول (Kaempferol)، أما الهيسبيريدين (Hesperidin) فيستخرج من الليمون والبرتقال. وهذه كلها إضافة إلى الروتين (Rutin) (من مجموعة الفلافونويدات) وغيرها تدخل في تركيب هذه الأدوية مضافة إلى الفيتامين C.

وقد تبيّن أيضاً أن لهذه البيوفلافونويدات تأثيرات وفوائد مهمة بمعزل عن عمل الفيتامين C.

وبرأيي المتواضع فإن حبة واحدة من البرتقال هي أهم وأنفع من هذه الأدوية المركّبة التي قد لا يمتصّها الجسم بشكل فعّال، في حين أن الفاكهة الطبيعية تُهضم ويمتصّها الجسم بسهولة.

 

عصير البرتقال: مذيب الحصى البولية

خلافاً للظن السائد، يعتبر البرتقال من الأغذية القلوية، فهو يزيد من نسبة السيترات (Citrate) في البول، وهذا الأخير هو الذي يمنع تشكُّل الحصى في المجاري البولية لأنه يعدِّل نسبة الحموضة في البول.

ففي دراسة أُجريت في جامعة تكساس للعلوم الطبية في دالاس على مجموعة من المرضى الذين يعانون من تكرار الإصابة بالحصى في الكلى والمجاري البولية، تمّ إعطاء بعضهم ثلاثة أكواب من عصير البرتقال يومياً، في حين أُعطي البعض الآخر دواءً مدرًّا للبول ومذيباً للحصى (Potassium–citrate supplements)، تبيّن أن عصير البرتقال له نفس فعالية الدواء المذيب للحصى. وقد أوصى الأطباء في هذه الدراسة بشرب ما يقارب الليتر الواحد على الأقل من عصير البرتقال من أجل إذابة الحصى لدى هؤلاء المرضى وذلك بسبب محتواه من البوتاسيوم والسيترات.

 

البرتقال الغني بالفيتامين C والبيوفلافونويدات

يُعرَّف البرتقال بأنه من أهم وأغنى المصادر الغذائية بالفيتامين C والفلافونويدات (Flavonoids)، وقد عُرف الفيتامين C منذ زمن بعيد بأنه مضاد قوي للأكسدة (powerful antioxidant)، فهو يخلِّص الإنسان من الجذور الحرّة المتولِّدة في جسمه نتيجة عمليات الأيض مثل جذور النيتروأكسيد والبيروكسيل والهيدروكسيل وغيرها، وهذه جميعها تؤدي إلى تلف الأنسجة والتسبُّب بالكثير من الأمراض المزمنة كأمراض القلب والشرايين والسرطان وغيرها.. وبهذه الطريقة يحمي الفيتامين C الخلايا ويمنع هذه الجذور الحرّة من إتلاف البروتين والحمض النووي (DNA) الذي يؤدي إلى إتلاف الخلية ويقف حائلاً في وجه الأمراض المختلفة المتأتية نتيجة تلف الخلايا والأنسجة. ومما تمّ اكتشافه حديثاً أن البرتقال يحتوي على عناصر أخرى قد تفوق الفيتامين C في قدرته المضادة للتأكسد.

يقول رونالد ل. مسؤول قسم الأبحاث في علوم التغذية في جامعة بوسطن: «لقد تمّ قياس القدرة الكاملة المضادة للتأكسد (total antioxidant capacity) للبرتقال ووجدنا أن للفيتامين C ما يعادل 15–20-% فقط من هذه القدرة المضادة للتأكسد، وقد ظهر لنا أن العناصر والمركّبات الأخرى الموجودة في البرتقال هي مضادات للتأكسد قوية جداً، وهي تفوق قوة الفيتامين C بحدود ثلاثة إلى ستة أضعاف».

ولكي تفهم عزيزي القارئ ما معنى مضادات التأكسد قم بهذا الاختبار: خذ حبة من البطاطا، قشِّرها ثم اقسمها إلى نصفين. ضع قليلاً من عصير الليمون الحامض على النصف الأول واترك الآخر على حاله. بعد قليل من الوقت، تبدأ القطعة التي لم تُمس بالتفاعل مع أوكسجين الهواء، ويبدأ لونها بالتحول إلى بنِّي، أما تلك القطعة التي سكبتا عليها عصير الليمون فستحتفظ بلونها الأصلي. من هنا نجد أن عصير الليمون شكَّل درعاً واقياً في مواجهة التأكسد أي عمل كـ «مضاد للمؤكسدات». وهذا النوع نفسه من العمليات يحدث في جسم الإنسان حيث تقي مضادات الأكسدة من الأثر التخريبي للجذور الحرّة على الخلايا.

 

البرتقال مضاد للالتهابات وللحساسية

من الشائع لدى غالبية الناس التداول بالبرتقال أو بعصيره لعلاج الأمراض التنفسية الشائعة كالكريب والأنفلونزا وأمراض الصدر عموماً.. ولهذا وجهة نظر!! فالبرتقال يعمل كمضاد للالتهابات وللحساسية بسبب غناه بالهيسبيريدين (Hesperidin)، وإذا أضفنا هذه الفوائد إلى فوائد الفيتامين C المقوِّي للمناعة والمضاد للالتهابات وللحساسية (anti histamin) والمضاد للفيروسات (antiviral) والحامي للمجاري التنفسية فهمنا الفائدة المرجوّة من التداوي بعصير البرتقال والحمضيات الأخرى لمحاربة الأمراض الفيروسية التنفسية وكذلك الأمراض الجلدية والحساسية.

وقد تبيّن أن العلاج بعصير البرتقال يقوِّي مناعة الجسم ويخفِّف بذلك مدة وشدة المرض، وقد يمنع حدوثه إذا أُخذ كوقاية.

 

البرتقال الحامي للقلب والشرايين

يحتوي البرتقال على مجموعة مهمة من العناصر المفيدة للقلب كالفيتامين C وهو من مضادات الأكسدة القوية والضرورية، وهو بشكل خاص ضروري للحفاظ على سلامة الجدار الشرياني ومنع تصلُّب الشرايين (atherosclerosis). وتصلُّب الشرايين يحدث عادة بسبب ترسب أملاح الكالسيوم الموجودة في الدم على الشرايين ما يؤدي إلى تغلُّظ هذه الشرايين وخسارة مرونتها وليونتها.

وعلى الرغم من أن تصلُّب الشرايين هو في العادة جزء من عملية الشيخوخة الطبيعية، إلا أن الكثير من العوامل يمكن أن تساهم في ظهور هذا المرض كالتدخين وارتفاع معدل الكولسترول والسمنة وغيرها من العوامل. والمؤكد أن الفيتامين C هو أحد العناصر الغذائية الأكثر فعالية في محاربة أمراض القلب والشرايين.

في دراسة أُجريت مؤخراً على مجموعة من الرجال المعافين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 42–60 سنة ثبُت أن الفيتامين C يحمي من الإصابة بالذبحة الصدرية. الأمر المهم الذي أظهرته هذه الدراسة التي أُجريت على 1605 أشخاص لمدة 5 سنوات هو أن 13,2-% من أولئك الذين كانت لديهم نسبة منخفضة من الفيتامين C في دمهم أُصيبوا فيما بعد بذبحة صدرية، فيما انخفضت النسبة هذه إلى 3,8-% فقط لدى البقية التي كانت نسب الفيتامين C في دمهم طبيعية أو مرتفعة. وهذا ما يؤكّد على دور الفيتامين C في الوقاية من الإصابة بالذبحة الصدرية (MI) وهي أكثر عامل مسبِّب للموت في هذه الفئة العمرية.

ولا تقتصر فائدة البرتقال، في مساعدة القلب والحؤول دون أمراض القلب والشرايين، على احتوائه على الفيتامين C فقط، بل هو يحتوي أيضاً على عناصر كيميائية نباتية تبيّن أن لها قدرات مذهلة في حماية القلب أهمها الهيسبيريدين (Hesperidin).

ففي دراسة حديثة أُعطيت مجموعة من الفئران مستخلصاً من قشور البرتقال الخارجية والداخلية (البيضاء الإسفنجية)، وقد تبيّن لاحقاً أن هذا المستخلص الحاوي للهيسبيريدين أدّى إلى هبوط مستوى الكولسترول الضار (LDL) في حين ارتفع مستوى الكولسترول النافع (HDL) لدى الفئران. فإذا كان للهيسبيريدين التأثير نفسه على الإنسان، فقد يكون قشر البرتقال هو الدواء الفعّال لتخفيض الكولسترول المرتفع الذي هو السبب الرئيسي للابتلاء بأمراض القلب والشرايين.

ولهذا يُنصح بتناول البرتقالة مع إبقاء القليل من القشور وهو ليس سيئ الطعم، بل إن الكثير من الناس قد يستسيغه.

 

البرتقال المحارب القوي لسرطان الثدي والرئة

لقد أظهرت الأبحاث العديدة أن الليمونين (Limonene) الموجود في البرتقال قد يكون له دور كبير في محاربة سرطان الثدي والرئة وأنواع أخرى من السرطانات.

فبحسب دراسة أُجريت في المركز الطبي لجامعة Duke في دورهام في شمال كارولينا في الولايات المتحدة الأميركية، تمّ إعطاء الحيوانات المخبرية غذاء حاوياً لمقدار 10-% من الليمونين، وقد تبيّن لاحقاً انخفاض نسبة الأورام السرطانية بنسبة 70-%، وحتى الأورام التي بقيت فقد ضَمُر حجم 20¬% منها حتى حدود النصف.

ويقول البروفسور مايكل غولد الطبيب والمحاضر في علوم السرطان في جامعة ويسكونسِن للعلوم الطبية في ماديسون أن الطريقة التي يعمل بها الليمونين على الخلايا والأورام السرطانية هي لافتة ومتميّزة حقاً، إذ إن مادة الليمونين تدفع بالخلايا السرطانية إلى تدمير نفسها بنفسها.. وكأنها تساعدها لتنتحر!

ولقد كانت الدراسات التي أُجريت حول مادة الليمونين واعدة مما دفع الباحثين في إنكلترا أيضاً إلى إجراء المزيد من البحوث حول تأثيرها على سرطان الثدي خصوصاً. هذه الأبحاث تدرس إمكانية علاج الأورام السرطانية بالبرتقال، والأكيد طبعاً أن للبرتقال تأثيرات واقية ضد مرض السرطان، وخصوصاً إذا اعتاد الشخص على تناوله بشكل دائم وعلى فترات طويلة من الزمن حتى وإن كان بمقادير عادية جداً.

ومن المعروف أن البرتقال غني بالفيتامين (C 86 ملغ في البرتقالة) وهذا وحده يؤكد على أهميته في الوقاية من الأمراض السرطانية، فقد أكّدت الدراسات أنه كلما كانت التغذية بمصادر الفيتامين C أفضل كلما قلّ حدوث الأمراض السرطانية، وخاصة سرطان الجهاز الهضمي (المعدة، القولون، المريء…) وتجويف الفم وسرطان الرئة والثدي.

ومن اللافت حقاً أن جميع الإحصائيات والدراسات بيّنت أن المقادير العادية المتوفرة في الغذاء الجيد (أكثر من 87 ملغ في اليوم) تكفي للوقاية من مرض السرطان.

لذا يكفي تناول عدة حصص (5–6) يومياً من الخضار والفواكه لكي نُحصِّل هذه الفائدة، أو يكفي تناول برتقالة واحدة على الأقل.

 

البرتقال لسلامة اللثة والأسنان

هناك أدلة على أن الفيتامين C يقوِّي اللثة ويخفِّف من تورّمها وحساسيتها ويحمي من الإصابة بأمراض اللثة والأسنان، لذا يُنصح بتناول البرتقال عقب الطعام وذلك بشرط عدم الإكثار منه كما يفعل غالبية الناس على أمل الفائدة، فالعصائر الحمضية إذا أُخذت بكثرة تضرُّ ولا تفيد، فهي تفتِّت الكالسيوم الموجود في تركيب الأسنان فتتلفها.

وعلى العكس فإن القليل منه يفيد، ويكفي تناول برتقالة واحدة بعد الطعام، كما أن هناك مصادر أخرى للفيتامين C فيجب التنويع.

 

البرتقال الفاكهة الأغنى بحمض الفوليك (Folic acid)

تحتوي البرتقالة الواحدة على ما يقارب 50 مكروغرام من حمض الفوليك B9، أي ⅛ من حاجة الجسم اليومية لهذا الفيتامين الأساسي، أحد فيتامينات مجموعة الفيتامين B، ويشكّل نقص هذا الفيتامين خطراً كبيراً على الحوامل بشكل خاص، فقد يؤدي إلى ولادة أطفال بعيوب خُلُقية حيث يولد الطفل مع عدم اكتمال انغلاق المجرى العصبي وتكون الخلايا العصبية ظاهرة للعيان في الظهر أو الرأس (Neural tube defect). وتشير الدراسات إلى أن النساء الحوامل اللاتي يتناولن حاجتهن من هذا الفيتامين (على الأقل 400 ميكروغرام يومياً) تنخفض نسبة إصابة أطفالهن بهذه العيوب الخُلُقية حتى النصف إن لم يكن أكثر.

والفولات أو الفوليك أسيد، هو عنصر أساسي ولازم لتكاثر الخلايا بسرعة، كما في أثناء تكوّن الجنين!! وهو يعمل كالباص الذي ينقل الركّاب، والركّاب هنا هم قطع البروتين الأساسية اللازمة لتشكيل الخلايا الجديدة. فحينما ينقص هذا الفيتامين الأساس تبقى قطع البروتين في الانتظار في حين تشكِّل خلايا جديدة ناقصة، ما يؤدي إلى ظهور عيوب خُلُقية ويولد الطفل بنقص في اكتمال نمو الدماغ والنخاع الشوكي (Neural tube defects).

تؤمِّن البرتقالة الواحدة مقدار 50 ميكروغراماً من حمض الفوليك ويؤمِّن كوب العصير مقدار 56 ميكروغراماً، وهو من أهم المصادر الغذائية للوقاية من ولادة أطفال بعيوب خُلُقية!!

 

فوائد قشر البرتقال الطبية

يحتوي قشر البرتقال، إضافة إلى الأغشية الداخلية للبرتقال، على أعلى نسبة من البيوفلافونويد (Bioflavonoids)، وخصوصاً النوع المسمَّى هيسبيريدين (Hesperidin)، لذلك وللفائدة القصوى يُنصح بتناول البرتقال كاملاً أو عصير البرتقال غير المصفّى، أي الذي يحتوي على اللُّب والقشور الرقيقة.

وللهيسبيريدين منافع عديدة من أهمها أنه مضاد للأكسدة (Antioxidant)، مضاد للالتهابات ومضاد للحساسية وهو يفيد في خفض مستوى الكولسترول الضار (LDL) ورفع نسبة الكولسترول النافع (HDL) في الدم.

كما يستفاد من قشر البرتقال في علاج حالات ضعف الشهية، المغص وآلام المعدة، ضعف المعدة وبطء الهضم، فهو منبِّه جيد للعصارة المَعِدية.

وأخيراً، فإن من عادة كبار السن أن يحرقوا قشور البرتقال لبعث الروائح الطيبة في المكان..

ولا أدري أهي الرائحة الطيبة النفّاذة التي تفيد أم أنها الزيوت الطيّارة المنتشرة في الهواء مع ما لها من خصائص ومميزات!!

كيف تحصل على أفضل النتائج؟

  • إبقاء القليل من القشور على الثمرة عند تقشيرها، فالفائدة كل الفائدة هي في القشور!!

إن نصف كمية الألياف القابلة للذوبان أي البكتين (Pectin) توجد في الطبقة الإسفنجية البيضاء الموجودة مباشرة تحت الطبقة الملونة من القشرة، لذلك – عزيزي القارئ – لا تكن شديد الدقة أثناء تناولك للبرتقال بل يُستحسن أن تُبقي أجزاء من القشور الداخلية والخارجية فهي كثيرة الفوائد. أما البكتين (Pectin) فهو نوع من الألياف القابلة للذوبان التي تفيد في خفض مستويات الكولسترول والسكر في الدم.

  • املأ الثلاجة بالعصير

إن العصير الطبيعي للبرتقال هو من أسهل وألذّ المصادر التي تؤمن الفيتامين C الضروري للجسم وهو بالطبع ألذّ وأطيب من أقراص الفيتامين C التي تزخر بها الصيدليات!!

حتى العصير الطبيعي المعلَّب يحتفظ بالكثير من مزاياه ولو حُفظ في الثلاجة، ومن حسن الصدف أن التجار في هذا المجال يحبّون الاستفادة من البرتقالة حتى آخر قطرة فيها ما يضمن الحصول على عصير حاوٍ للكثير من المركّبات الكيميائية الموجودة في القشور، وللكثير من الفائدة إضافة إلى لذّة الطعم!!

وهذا العصير هو أفضل بالطبع من المشروبات الأخرى (الغازية وغيرها)، فحبّذا لو نعوِّد أطفالنا على هذه المشروبات – على أن تكون جيدة النوعية طبعاً ومن دون مواد حافظة – بدل تسابقهم في شرب المشروبات الغازية التي لو عُرِف ضررها ما شرب أحدٌ منها.

وصفات صحِّيَّة لذيذة

كوكتيل البرتقال

المقادير

* كوب عصير برتقال طازج

* موزة كبيرة مجمّدة بالفريزر (Frozen)

* 4 حبات تمر بدون النوى

طريقة التحضير

–يوضع عصير البرتقال مع الموز المجمّد والتمر في الخلاّط الكهربائي، تُمزج المقادير لمدة 15 إلى 30 ثانية على السرعة القصوى حتى تصبح لدينا كريما لذيذة وصحية. توزّع في أكواب صغيرة وتقدّم..

سلطة البرتقال والأفوكادو

المقادير

*3  حبات برتقال مقشّرة ومحزّزة

*حبتان إلى ثلاث حبات من الأفوكادو الناضجة

*3 ملاعق طعام زيت زيتون

*3 ملاعق طعام عصير ليمون حامض

*ملعقة صغيرة ثوم مدقوق

*رشة فلفل أسود

*رشة ملح (حسب الحاجة)

*ملعقة صغيرة هال مدقوق (اختياري)

طريقة التحضير

–يُقشّر البرتقال وتُحزّز كل برتقالة إلى حزوز منفصلة مع الإبقاء على بعض القشر واللبّ الأبيض وذلك فوق وعاء لحفظ العصير الحاصل.

–تُقطّع كل حبة أفوكادو إلى نصفين بواسطة السكين وتُزال البذرة ومن ثم تُقشّر وتقطع إلى أجزاء طويلة الشكل. تُخلط بلطف مع حزوز البرتقال في وعاء مسطح خاص للتقديم.

–يُمزج زيت الزيتون وعصير الليمون الحامض والثوم المدقوق والملح والهال المدقوق (اختياري) جيداً ويوزّع المزيج فوق طبق السلطة بالتساوي وتتبّل برشة من الفلفل الأسود. وألف صحة!

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *