أبيض وأسود

Views: 765

خليل الخوري 

مرة إضافية نتحدث عن الطاقة الإيجابية التي يختزنها شعبنا اللبناني إزاء الوضع الصحي الذي تسببت به جائحة كورونا.

أثبت هذا الشعب أنه عصيّ على التطويع، ولا نقول على مفاعيل الفيروس، فتلك من شأن العلماء العاجزين حتى الآن عن أن يوَفّقوا في إيجاد الدواء الناجع واللقاح الفعّال.

لا ينكر أحدٌ التعبئة الوطنية العامة التي أعلنها اللبنانيون تلقائياً في موازاة تلك التي أعلنتها الحكومة بعد المجلس الأعلى للدفاع.

فقد أثبت اللبنانيون، عموماً، أن «كل مواطن خفير» ونقصد هنا الهيئات والجمعيات الأهلية والمقتدرين والمتطوعين إضافة الى الطواقم الطبية والتمريضية الواقفة «في بوز مدفع» الوباء. وبالفعل، فقد لجأت مدن وبلدات وحتى قرى صغيرة الى تدابير ذاتية فلم تكن مضطرة للاستعانة بالقوى العسكرية أو الأمنية لتطبيق تدابير الوقاية.

الى ذلك، لقد كان إقبال الناس على التبرّع، في غير مجال، لمواجهة كورونا. كما استعانت مصانع عديدة بخبرات أهل العلم لإنتاج أجهزة مفيدة في الخدمات الصحية وأبرزها قاطبةً تلك التي تساعد على ضبط حركة التنفس وهي أكثر من ملحّة في الظرف الراهن.

وفي تقديرنا أن من يُنتج الكمامات لا يقلّ أهمية وفائدة عن الذي يُنتج أجهزة تنفس. فالاثنان يؤديان خدمة مهمة من مقتضيات المرحلة.

ويمكن الإسهاب مطوّلاً في التنويه بنشاط ودور المجتمع الأهلي المدني ما يتكامل مع تدابير الحكومة التي يعمل وزراؤها المعنيون بالأزمة الصحية الطارئة بجهود أكثر من لافتة.

إلا أن هذا كله يجب ألا يحجُب الملاحظات الآتية:

أولاً- إن العجز عن ضبط فلتان الأسعار خصوصاً في المواد الغذائية، هو علامة سلبية جداً في وقت شحّت العملة في جيوب الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، إضافة الى أنها نضبت كلياً لدى قسم منهم الذين يتعذّر عليهم أن يقوموا بأوَد الحياة وتكاليفها في الحدّ الأدنى.

ثانياً- أما العجز الأكبر فهو في الفشل الفاضح بلجم الإرتفاع الجنوني في سعر الدولار الذي تخطى المعقول، فأطاح ليس قدرات الناس وحسب، بل أيضاً القرارات التي اتخذها البنك المركزي ففقدت مفعولها … بل إن توقيف جهاز أمن الدولة مجموعة من الصرافين غير القانونيين لم يؤد الى أي نتيجة رادعة. وليس ثمة ما ينبئ بإعتدال سعر الدولار إزاء عملتنا الوطنية، فكل شيء ينذر بأننا ماضون الى المزيد.

ثالثاً- أما الطامة الكبرى فهي الاستمرار بعدم تمكين اللبنانيين من الحصول على ودائعهم وجنى عمرهم في المصارف. وقد لا يعنينا أن ندخل في أسباب هذا الواقع المرّ، قدر ما يعنينا أن نلفت الى ما يترتب عليه من أضرار موصوفة.

رابعاً- لسنا ندري لماذا تلجأ دولةٌ الى طلب المساعدات في وقت أعلنت بألسنة كبار مسؤوليها عن أموال زعموا أنها مهرّبة وهي بأرقام خرافية كما ادعوا…

خامساً وأخيراً وليس آخراً- وأما «الخطة الإصلاحية» التي أقرّت في آخر أيام الحكومة الحريرية السابقة، والتي كان من شأنها توفير مداخيل كبيرة، فـ«الفضل» في تعطيلها يعود الى الإنتفاضة التي منعت جلسة مجلس النواب من الإنعقاد وكانت مخصصةً لإقرار قانون لهذه الغاية.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *