“العالم الأول”

Views: 305

هل ساوى كورونا بين الشعوب؟ هل إنه لم يكتفِ بأن يُصيب الكبار والصغار، الأثرياء والفقراء، الدول «الديموقراطية» وتلك من مختلف أطياف الأنظمة؟

الأخطر أن العجز أمامه، تكشّف لدى الدول العظمى الموصوفة بأنها «متقدمة»، أكثر وأخطر مما هو لدى الدول «الصغرى»، وأيضاً المصنّفة بأنها «عالم ثالث»!

لو قيل لنا، قبل إنتشار هذا الفيروس، إنه سيكون أشدّ وطأةً على الدول العظمى، فهل كنا لنصدّق؟

تكفي نظرة سريعة إلى أرقام إنتشار هذه الجائحة في الولايات المتحدة الأميركية وفي بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا… ليتبيّـن أن مواجهته في تلك البلدان كانت، لاتزال، على هشاشة كبيرة. بل هي عجزٌ فاضح.

فهل هي «نظرية المؤامرة» التي قيل فيها وعنها الكثير في الأسابيع الماضية منذ أن انتقل الفيروس من مجرّد زائر ثقيل إلى وباءٍ مقيم يجتاح العالم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه؟ فالمعلومات التي ترِد من معظم بلدان «العالم الأول»، بوتيرةٍ متصاعدة، تُظهر واحداً من أمرين: إما أننا أمام إستلشاق في الرعاية الإجتماعية، وإما أن كلّ ما يتمتّع به ذلك «العالم الأول» من تفوّق علمي ومختبرات وقدرة على ريادة الفضاء واستكشافه… هو مجرّد كذبة كبيرة.

إذ ليس باليسير أن نتقبّل الصورة التي تتوالى عن ارتفاع ضحايا كورونا هناك، وعن تراكم الجثث في أكياس النفايات، خصوصاً عن «البرودة» في التعامل مع الضحايا.

وليس باليسير أن نتفهّم أن بلداً مثل الولايات المتحدة الأميركية بات يفتقدُ إلى الكمامات، أجل الكمامات، التي تُباع في السوق السوداء بخمسين دولاراً للكمامة الواحدة هذا إذا توافرت وهي قلما تتوافر، بينما سعرها الطبيعي بضعة «سنتات».

وما يصحّ في أميركا يصحّ أيضاً في أهمّ بلدان القارة العجوز، في ما يبدو إستسلاماً أوروبياً غير مسبوق أمام فيروس تفلّتَ من المختبرات وفضح عجز الإنسان عن مواجهة الشرّ الذي أنتجه بكامل إرادته ووعيه.

أجل! ليس من السهل علينا أن نتقبّل هذا الواقع، خصوصاً شبه اللامبالاة الذي أكثر ما يتمظهر في التغريدات والتصريحات شبه اليومية التي يُطلقها الرئيس دونالد ترامب في عزّ إستعداده لمعركة إنتخابات رئاسية ثانية يأمل أن   تُـمدد نتائجُها إقامتَه في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض أربع سنوات أخرى عندما تُـجرى الإنتخابات بعد أشهر.

باختصار، هل لم تعد للإنسان قيمةٌ في تلك البلدان الغارقة في الماديات والتي يُقاس إبن آدم فيها بما يملك أو لا يملك من ثروات، وليس بما يكتنز من قيَم ومبادئ وأخلاق؟

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *