“وشم الغربة” لطوني مسعد: قصص من زمن نقي بفيض الحنين

Views: 855

ميشلين مبارك

هي قصص لأناس عبروا وتركوا أثرًا في ظل الكاتب، أناس طبعوا في ذاكرته الشاعرية المرهفة وشم الغربة.

“وشم الغربة” هو عنوان أمين لمجموعة قصصية للأديب طوني مسعد. صحيح أنّ هذه المجموعة ليست بجديدة، إنما الاكيد بأنّ مضمونها العميق يعلو فوق زمان محدد، فمغزى كل قصة من الكتاب يأخذنا إلى ارتحال جميل على الرغم من الشجن الذي يسكن بين الحروف، يحملنا إلى سفر في ظلال أحبّة من ذاكرة أجيال وأجيال كالأم الملائكية الوجه أو الحبيبة أو في ذاكرة الشاعر الياس أبو شبكة على سبيل المثال وغيرها الكثير.

يعلق الكاتب الأحلام على برتقالة تضيء قشرتها لطفولة جميلة، لحنين أمكنة مبللة بعطر الغربة، لحلم يرقص مع أمواج البحر ذات غروب، كما في قصة “الزمن عداد الأحزان”، فنرى ظلال شخصيات تشبه الهمس في حجارة الشوق، في وجد تمخض في ذاكرة النسيان.

هذا في المضمون، أما في الأسلوب فتظهر بوضوح شخصية الأديب الشاعرية والفنية كرسام يجمّل الكلمات بدهشة الاستعارات، ويلوّن النص بجمالية الصور الطبيعية والمجازية عبر أسلوب رشيق، وهنا أقطف المثال التالي من قصة “أفنان دامعة”:

“ذلك الغروب، اجتزت المعبر نزولا، تكحلّت عيناي بمذاق جميل جديد: كوى في الجدران، بوابة خشبية باسقة، عتبتها عند الأسفلت، ثم فجأة، امرأة، فتحت مصراع البوابة، فاسترسل شعرها الطويل على كتفيها، كسنابل القمح…”

في الكتاب عموما، ثمة حنين ممزوج بنكهة ثياب مهاجرة وحزن في آن، كأننا نرتشف الانتظار مع قهوة الصباح أو في رائحة التراب في أول الغيث.

يضعنا الأديب طوني مسعد امام مشهدية معبّرة ومؤثرة عندما يسأل في قصة “وشم الغربة”: أولسنا ظلا لظلّ؟

برأيي الجواب مطبوع في أوراق ذاكرتنا المتناثرة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *