صُورَتِي

Views: 525

محمد نعيم بربر 

 وَقَفَ الشَّاعِرُ أَمَامَ صُوْرَةٍ لَهُ مُعَلَّقَةٍ عَلى الْجِدَارِ وَقَدْ عَشَّشَتْ فِيْهَا الْوَحْشَةُ وَالْغُرْبَةُ .. وَحِيْنَ رَاحَ يَتَأَمَّلُهَا ذَاتَ يَوْمٍ إذا بها تَسْقُطُ عَنِ الْجِدَارِ،  فَأَحَسَّ الشَّاعر كَأَنّهُ  يُخَاطِبُ الإِنْسَانَ بِدَاخِلِهَا ، فَنَظَمَ هَذِهِ القَصِيْدَة :

 

أَغْمَضْتُ عَيْنَيْهَا أُلامِسُ وَجْهَهَــــا

بِيَدِي ، وَأَرْسُمُ فَوْقَهَا أَحْزَانِــــــي

وَعَلَى جِدَارِ الصَّمْتِ رُحْتُ مُحَدِّقًا

فِي صُورَتِي أَصْبُو لِشَكْلِي الثَّانِــي

فَأَنَا كَصُوْرَةِ عَاشِقٍ مُسْتَوحِـــــشٍ

يَهْفُــــــو لِنَظْرَةِ عَاشِقٍ وَلْهَـــــانِ

شَرَدَتْ عَلَى جَمْرِ اللَّظَى نَظَرَاتُــهُ

وَتَكَسَّرَتْ كَالضَّوْءِ فِي أَجْفَانِـــــي

سَاءَلْتُهَا وَالدَّمْعُ يَقْطُرُ صَامِتــًـــــا

فِي مُقْلَتِي ، وَيَئِنُّ فِي وِجْدَانِــــــي

هَلْ ذَا أَنَا ، أَمْ ذَاكَ وَهْمٌ شَـــــارِدٌ

أَمْ حُلْمُ صَيْفٍ بَاهِتِ الأَلْــــــوانِ؟!

أَمْ وَجْهُ زَهْرٍ ذَابِلٍ مُتَكَسِّـــــــــــرٍ

أَدْمَتْ مَدَامِعَـــهُ رُؤَى نَيْسَــــانِ؟!

نَسِيَ الرَّبِيْعُ عَذَابَــــــهُ وَأَنِيْنَـــــهُ

فَهَفَـــــا عَلَى حُرَقٍ إلى بُسْتَانِـــي

وَغَدَا يُنَاجِــــي حُزْنَهُ وَظُنُونَــــهُ

لِيُعِيْدَ ذَاكِرَتِــــــي  إلى النِّسْيَــــانِ

قَدْ بُحَّ صَوْتُ عَذَابِــــــهِ مُتَلَهِّفــــًا

كَالْبُرْعُمِ الْمَهْجُورِ فِي الأَغْصَـانِ

قَدْ لامَسَتْ كَفُّ الْهَوَى أَكْمَامَـــــهُ

وَتَفَتَّقَتْ بِالدِّفْءِ فِي أَحْضَانِـــــي

أَنَا مِثْلُهَا لَكِنَّــــــهَا هِيَ صُــــوْرَةٌ

تَخْشَى الأَنِيْنَ وَرَهْبَةَ الأَحْــــزَانِ

سَاءَلْتُهَا عَنْ حَالِهَا ، عَنْ صَمْتِهَــا

وَعَذَابِهَا ، عَنْ غُرْبَةِ الأَوْطَـــــانِ

فَإِذَا بِهَا  مِنْ صَمْتِهَا سَقَطَتْ وَقَـدْ

أَدْرَكْتُ فِيْهَا صُوْرَةَ الإِنْسَــــــانِ

هَلْ يَنْطِقُ الرَّسْمُ الْمُهَشَّمُ لَوْنُـــــهُ

أَوْ يُسْتَعَــــــادُ الْعُمْرُ فِي الـــدَّوَرَانِ

مَا أَبْلَغَ الصَّمْتَ الرَّهِيْبَ يُجِيْبُنِــــي

فِي صُوْرَةٍ نُسِيَتْ عَلَى الْجُــدْرَانِ ؟!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *