من خواطر الحجر: (أعطني قلبك…)

Views: 378

د. يوسف عيد

في عالم الافتراض تعيدني حديقتي، حجري، الى الحقيقة وكأنها من دون أن تسألني ترفض العالم الافتراضي الالكتري الكاسر . حديقتي من منزلي بمثابة القلب من الجسم: إن أشرف قوى الانسان قلبه القائم في الصدر مليكا على عرشه، تحيط به أهم الاعضاء كوزراء وجنود ، يدير حركتها ،ويبعث فيها حرارة الحياة .عليه تتوقف الحياة.هذا الوصف ينطبق على حجري فبات حياة وحرية ونشاطا وحيوية وليس سجنا أو كرها أو جبرا .

في حديقتي تبيت الشمس وتنام على أغصان الليمون والخوخ والجوز والمشمش وتضع رأسها على مخدات أوراقها الخضراء لتحلم بالشروق في غد .

أشعتها تصاغ فيها،ومنها تخصب أثمارها ،وتحيي كل حيّ فيها . ثمارحديقتي الطيبة هي أولاد زواجها من أشعتها وحديقتي زوجة وفيّة لهذا الزوج النوراني الذي ما نام مرة خارج مخدعها ، أهداها قلبه مبعث الحياة. كذلك إن ضعف القلب عند الانسان ضعفت أعضاؤه وتبعثرت الوظائف وشلّت حركة الجسد .

القلب يقوّي ويحيي ويعضد ،هو موقد المحبة ،كما أن النار من طبعها أن تحرق، كذلك  من طبع القلب أن يحب. وبما أنه ملك الاحاسيس في الانسان ،لاق به أن يكون موطن الشعور بالفعل الذي تأمر به ملكة الفضائل ، المحبة. كما أن العين للنظر  والاذن للسمع كذلك القلب للحب ،هو جهاز النفس في إبراز العاطفة. وكما تهدي الشمس قلبها لحجري هكذا أهدي قلبي لكل إنسان يشعر بضيق أو من حجره لايستفيق ،أو لتائه على طريق أو لمن أراد الغوص على حب عميق…او… ألا يصحّ القول إذا: يا بنيّ أعطني قلبك! نعم هو قلب الحقيقة وليسقط القلب الافتراضي اليابس.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *