سبعون في حجر؟

Views: 471

أ.د. جهاد نعمان

في يوم ميلادي، وفي عزلتي بل وحدتي في منزلي في جبيل، حسبي فخرًا اني سلخت أمدًا طويلاً من حياتي الجهادية، وأنا دائب في خدمة الحق والعلم والفلسفة، بمنتهى الجد والصدق والاخلاص. 

لم أكن احمل في مطلع حياتي سوى القليل من المال والكثير من الآمال. وتجلّى نشاطي الجامعي والكتابي المبكر مغامرة تحدّيتُ فيها الصعاب وروضّت المستحيل. 

حواجزُ وعقباتُ كثيرة وقفت في وجهي، وحالت دون انطلاقي نحو هدفي الأمثل ولكنني عزمتُ على المضي مهما جار الزمن وعظمت التضحيات. الجندي الذي يريد ان ينتصر لا يعرف الهزيمة بل يقتحم الهول، ويخوض عبابَ المخاطر وينتزع غار الفوز او غار الخلود.

كنتُ على اقتناع راسخ بأن عملي رسالة لا مهنة، وان اصحاب الرسالات واصلون الى بغيتهم طال الزمان او قصر. 

لم ارَ أمامي الاّ الثبات والكفاح في بيئة مادية لا يقيم معظم ابنائها للفكر وزنًا، ولا يعيرون الأدب والفن اهتمامًا. مررتُ بأزمات مادية حادّة ووقفتُ مراراً على حافة الافلاس، وخُطفت في طريقي الى جامعتي التي أسستُ فروعَها في عروس البقاع زحله. هدفي كان خدمة الفصحى ونفع الأجيال، وعملي انحصر في ارضاء الله اولاً، وواجبي الوطني ثانيًا، ويشهد من تتبع مقالاتي اليوميّة منذ عام 1968 أو تتلمذ عليّ في الجامعات اللبنانية وفرنسا انني قمتُ بأداء واجبي صادقًا. 

بفضل الله وحسن رعايته تحسّنت الحال وبسمت الآمال، وبمؤازرة حبيبتي ماري الراقدة على رجاء القيامة، اتجهت كتاباتي وتعاليمي شطر روحانيّة الشرق وشرف المعنى الوجودي الملتزم وسمو التجديد والابداع. 

وها أنا أقف اليوم على عتبة ربيع جديد، لأوقد شمعةٌ جديدةٌ على مائدة الفلسفة واللغات ولأعود وأعاهد الله والمحبين الكثر في الوطن والمهاجر على انْ استمرّ في اتمام رسالتي في رغبةٍ صادقة وعزيمة وطيدة. وعندما يضطرني عرضٌ ما الى ترك العلم – والكاتب لا يتقاعد – أتركه نظيفًا لم تلوثه الأنانية ولم تفسده المغريات.

***

(*) د. جهاد نعمان أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه 

 

Comments: 1

Your email address will not be published. Required fields are marked with *