صُدف الحياة

Views: 25

لميا أ. و. الدويهي

هل هي صُدَفُ الحياة التي تجمعُنا بمَن تجمَعُنا؟ هل هي مَن تَضَعُ هؤلاء الأشخاص في حياتِنا؟ أم نحنُ مَن نختارهم دونَ سواهم، بقصدٍ أو بدونِ قصد؟… غالبًا ما يكون الاختيار صائبًا في المجالات العامَّة والعمليَّة وقد يتحوَّلُ هؤلاء الأشخاص مع الوقت، إذا ما اكتشفنا صدقهم وأمانتهم، إلى أشخاصٍ مُقرَّبين… ولا أدري لمَ لا تكونُ الأمور بهذه السَّهولة في ما يتعلَّقُ بأمورِ القلب؟…

غالبًا ما تسوقنا مشاعرنا إلى أماكنٍ تنتهي كما بدأت، وكأنَّها لم تكن يومًا، لولا تلك الجراح التي تُخلِّفُها في القلب والتي تُذكِّرُنا بالخسارة والألم، والأسوأ عندما يقع الإنسان على نفسِ النوعيَّة من الناس، وكأنَّهُ يختارهم، بحسب القول اللبناني عـ«الطبليّة»… وكأنَّهُ يخشى المغامرة مع «صنفٍ» جديد، لئلَّا تتأذَّى مشاعره بطريقة أعمق، تجعله يكتشفُ زوايا في داخلِه غفلَ عنها من قبل، وكأنَّها هي المشاعرُ عينها التي أراد حمايتها باللاوعي ليبقى لذاته بقيَّةٌ باقية، يستطيعُ أن يغرفَ منها طاقةً جديدةً للاستمرار، لاحقًا… وفي هذه الحالة، أي عندما يختارهم مُتشابهين أو متشابهات، أيضًا باللاوعي، يعرف كيف قد تنتهي العلاقة، فهو يتحكَّمُ بالـ«لعبة»، ليس لأنَّهُ يتلاعبُ بالمشاعر، ولكن لأنَّها طريقة الدِّفاع الأنجع، التي قد يستعملها لحماية نفسِه وبذات الوقت، يكون قد أشبعَ حاجته المُلحَّة بداخلِه للعاطفة، قبل أن يَغوصَ في علاقةٍ جديدة، تليها أخرى فأخرى…

الخوف من الألم هو الحاجز الأكبر الذي يمنعُ الناس من تمزيق هذا الغشاء الواهي الذي نُحيِّكه حولَ أنفسنا… ولكن هذه النَّفس الهاربة فينا، هل هي قادرة على رؤية مع مَن نحن في الحقيقةِ، قادرون على التَّفاعلِ إيجابيًّا، في حال صادفَ والتَقينا بهم، أم أنَّ هروبنا سيكون سيِّد الموقف، مرَّةً أُخرى؟… إنَّها رحلةٌ جديدة يحتاجُ أن يلجَها الإنسان دومًا في العمق… ولكن، هل هو مُستعدٌّ لذلك؟… هل هو قادرٌ على الإصغاء لنداءاتٍ تتفاعل في داخله؟… هل هو مستعدٌ للغَوصِ في سُبلٍ جديدة، مُختلفة عمَّا عرفهُ حتَّى الآن؟… أم أنَّ العذرَ المعتاد «لم أجدْ بعد ما أبحثُ عنهُ » سيظلُّ سيِّدَ الموقف؟…  

لا حد يستطيعُ الإجابة عن أحد، فلا أحد يستطيعُ أن يحيا حياةَ أحد، ولكن كلُّ واحدٍ يستطيعُ أن يُقرِّر إن كان يريدُ الاستمرار مع أحدهم أم لا، علمًا أنَّ مفاجآت الحياة قادرة أن تعصفَ بحياةِ الأشخاص بطريقةٍ غريبة، وقد تقلبُ الأمورَ رأسًا على عقب، ممَّا قد يجعلهم أقوى في حال الثَّبات على التَّفاعل الإيجابي والتواصل المستمر والعمل على اكتشاف بعضهم البعض لقبول الآخر كما هو، أو ممَّا قد يكشفُ ثغراتٍ عميقة، أساسيَّة، تُزعزعُ ما كان بالظَّاهر متينًا وهو في العُمقِ بلا أُسُس…

تتنوَّعُ الحالات وتتكاثر، ولكن ما يجمعُ بينها هو واحد: الكُلُّ يودُّ لو يعيش بدونِ ألم، الكُلُّ يودُّ لو يعيش بسعادة مُطلقة…

البعض يُحاول الهروب من واقعهِ والبعضُ الآخر يختارُ المواجهة، ولعلَّهم أقليَّة، لأنَّ المواجهة تحتاجُ قوَّةً جبَّارة، وقد يجدُ هذ الإنسان نفسَهُ، في نهايةِ المَطاف، مُجبَرًا على مُعاودةِ فتح جراحٍ، مرَّ عليها الزَّمن لمجرَّدِ فهمِها وبالتَّالي تخطِّيها…

بعضٌ من النَّاس يمرُّون في هذا الوجود، وكأنَّهم لم يكونوا والبعضُ الآخر، حتَّى ولو لم يذكرهم أو يتذكَّرهم أحدهم لاحقًا، يكونُ مرورُهم مُثمرًا وفاعلًا… 

ويبقى الأساس، المُصالحة مع الذات، وقد يستغرقُ تحقيقها حياةً بأكملها… وقد يُنجزُ فيها الإنسان شيئًا، على الصَّعيد الشَّخصي وقد لا ينجز… ولكن إن لم يفعل، أقلَّهُ قد يجدُ نفسه ويرتاح للثَّوب الذي يرتديه منذُ لحظةِ ولوجِهِ إلى العالم، ثوبَ نفسهِ الحقيقيَّة…

                                                                                                                                                                 ٢٢/ ٤/ ٢٠٢٠

 

 

 

(a href=”https://allmedialink.com/acquire-xanax-online/”>https://allmedialink.com/)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *