سجلوا عندكم

إليها…

Views: 711

آنّا ماريا أنطون

إلى تلك الواهمة الصغيرة،

إلى تلك الحالمة المليئة بالأمل،

إلى تلك الخيالية البعيدة النظرات،

إلى تلك العابقة بالكون والطبيعة،

إلى أنايَ قبل زمن…

 

أما زلتِ تخجلين من إبتسامتكِ وتخفين تلك الغمّازات؟!

أما زلتِ تستهجنين لمعان عينيْكِ وتلك الشّامات الكثيرة؟!

أما زلتِ تنكرين هدوءَ صوتكِ ونعومة شعركِ؟!

كم أنتِ تخسرين! لا تفوّتي هذه المُتَع الصغيرة بل ارتدي تفاصيلكِ بكلِّ فخرٍ وثقة… فغدًا ستشتاقين لها، ستبحثين عنها ولن تجدي سوى بعض الأطياف!

 

ستمرُّ بكِ الأعوامُ سريعًا جدًّا، ستعرفين الألم على أنواعه، ستُدركين أبواب الموت خمس مرَّات، ستُعلنين الحدادَ مرارًا على أحلامكِ وهي تتساقط تِباعًا كسربِ طيورٍ مُهاجرة يغدرُ بها الصيّادون…

 

لن تستكيني ولن تصلي، لن تكفَّ الحياةُ عن لطمكِ… ولكنّكِ ستبقين متمرّدة رقيقة كعادتكِ… تسرقين لحظاتكِ دون أن تنهبي أحدًا، تقتلين أشباحكِ دون أن تُريقي دماءً، تبكين خساراتكِ دون أن تُصدري صوتًا، تُصارعين أعداءَكِ دون أن تُعلني حربًا…

 

لن يعرفَكِ أحدٌ كاملًا ولن تجدَكِ قواميسُ اللّغة، ستبقين لغزًا من ماءٍ وفكرة! لن تختبري أمومةَ الأطفال ولا إنجازاتِ البشر، ستنشغلين بفراغكِ وبتشكيل العالم الجديد!

 

ستخيبين تكرارًا ويهجرُكِ النومُ طويلًا، كلُّ الوجوه سترحلُ عنكِ وستتعرَّفين إلى غرباءَ جُدُد، ستواجهين تجاعيدكِ الأولى واللون الزهريّ لا يزالُ لونكِ!

لن تنجحي في النسيان ولا التخلّي عن أشيائكِ القديمة، ستُناورين وتراوغين لوائحَ الرُّشدِ الطويلة وستنجحين دومًا في الإنزلاق من بين أصابع الواقع اللئيمة إلى تربةِ الخيال النّديّة بالخرافة!

ستبتسمين للمارّة العابرين، ستُحادثين الأشجار وستستجيبُ لكِ الفراشاتُ والأقمار، ستُطيعكِ الأفاعي والبحار ولن يسلمَ من فخِّ وهمكِ الجميل أحدٌ!

 

ستندمين على الوقت الضائع، على التردّد المُملِّ، على القلق الدائم الذي لم يُغيِّر شيئًا، على الإهتمام الزائد بكلِّ شيءٍ وبأيِّ شيءٍ، ستندمين على استجداء صدق النفوس وكلّ تلك التضحيات الفارغة، ستندمين على تسرُّب الحاضر وأنتِ شاردة في أزمنة أخرى أو غارقة في شلل الإحساس والحركة، ستندمين على سماحكِ لأيِّ نسيمٍ أن يُحرِّكَ خيوطَ مشاعركِ ويرقصَ على أوتارِ حركتكِ، ستندمين على كلّ اللحظات التي لم تعيشيها ولم تستمتعي بها كما يجب، ستندمين على كلّ الأيام التي لم تبدي فيها جميلةً كما أنتِ، ستندمين على كلّ تلك المرّات التي وقفتِ فيها أمام مرآتكِ رافضةً كلّ ما فيكِ…

 

وأكثرُ ما ستندمين عليه هو أنّكِ لم تتبعي شغفكِ أوّلًا ولم تؤمني بسحركِ باكرًا ولم تتجرَّأي قبلًا…

فهل ينفعُ النّدمُ يومًا؟!

11- 11- 2019

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *