العودة

Views: 1287

د. جان توما

من جديد يأتي عيد الفطر ومفتاح بيتي يرسم ذكرياتي في أرض المقدس هناك.

حين أغلق والدي الباب ومشينا، كنت صغيرًا ممسكًا بيد أمّي فيما كنا نعبر عام ١٩٤٨ السهل والنهر والتلّ، وفي أعيننا أمل العودة التي طالت.

قبل موت والدي أعطى المفتاح لأمّي، وأوصاها بأن تنتبه عند فتح باب البيت عند العودة، إلى ضرورة وضع بعض قطرات الزيت من حبّات شجرة الزيتون الناطرة عند العتبة، على المفتاح، ليسهل الدّخول بعد غياب،  كما أوصاها أن تلملم ما بقي من أشيائه الصغيرة وتودعها علبة ذكرى لأحفاده.

بقيت أمّي قبل كلّ ليلة، قبيل غفوتي، تذكّرني برغبة والدي، وتضع المفتاح تحت وسادتي كي يبقى حلم العودة متوهّجًا.

لا أعرف لماذا كنت استيقظ ليلًا عدّة مرات؟! أمرّر  يدي تحت المخدّة. أتلمّس مفتاح بيتنا.أتأكد من وجوده. استرجع ألعابي عند عتبته. ينسلّ ضوء القمر من ثقب سقف التنك لغرفتي. يرسم ملامح وجه أبي على الحيطان. أضيع بين أحلام الغفوة وأحلام اليقظة.

أقوم وبيدي المفتاح/ الحيّ الناطق، أقطف حبّة زيتون من الشجرة الناطرة عند العتبة، أعصر زيتها على المفتاح، افتح الباب، أخرج إلى العمر الذي… سيعود.

 

(*) الصورة من صفحات الانترنت

Comments: 1

Your email address will not be published. Required fields are marked with *