صورة ومائة عام

Views: 181

د. جان توما

مائة سنة مرّت على هذه الصورة التي تعود إلى عام ١٩٢٠م. لحيّ خلف مبنى بلدية الميناء القديم، الذي عُرف لاحقّا بحي “السراتي”، وهي اسم لعائلة بنت على مدخل الزقاق بناية من ثلاثة طوابق على الطراز الإيطالي ما اعتبره الناس في النصف الأول من القرن العشرين إنجازًا عمرانيًا.

 

أين ذهب الذين في الصورة بخيالاتهم يوم التقط المصوّر لهم في هذه الصورة ؟ هل خطر ببالهم أننا سنقف يومًا عليها، وهم لم يروها أصلا، فهي لعابر  مرّ من هناك، التقط الحيّ والوجوه، بعثها جامدة على ورق، وأودعها خزانة ما ،لتقع في يد مهتم، ويبرزها لتكون الذاكرة شاهدة على من سكن في هذه الأحياء وأبقاها، كما هي.

لم يعد أحد من أفراد “السراتي” يقيم في الميناء، بقي حجرُهم ونزح أو هاجر بشرُهم، كما العائلات الميناوية العتيقة، كذلك لا نعرف أين أمضى الذين في الصورة شبابهم وشيخوختهم. كان هذا الحي ، شأن أهل الحارات، عالمهم الخاص وجمهوريتهم. قلائل في ذلك الزمن خرجوا من حيّهم أو حاراتهم. كانت الدنيا هنا قبل أن يصبح الدنيا حارة واحدة. (stomadentlab.com)

راحت تلك الوجوه التي لعبت هنا وتشيطنت وحفرت على هذه الحجارة أسماءها. ماذا لو “فلفشنا” بين هذه الحجارة المتراكمة المتهالكة كالأسوار؟ هل نجد قصاصات ورق تحكي حكايات الذين كانوا هنا و” ركبوا عربيات الوقت، وهربوا بالنسيان، وتركوا ضحكات اولادهن منسية عالحيطان، تركولي المفاتيح تركوا صوت الريح وراحوا ما تركوا عنوان”؟.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *