… وشروق الشمس وغروبها

Views: 11

خليل الخوري 

طلع الشَعر على اللسان ونحن نقول إن لبنان في حاجةٍ إلى شخصياتٍ “حيادية” بين طرَفَي الصراع. ولقد بات لدينا يقينٌ بتعذّر قيام هكذا حال. لأن الذين يُفترض أن تشكّل منهم لا يكفي أن يكونوا حياديين وحسب، بل يجب أن يتحلّوا بمواصفات رجال دولة أمثال أولئك الأفذاذ الذين كانوا نواة “قوّة ثالثة” تتحرك في الأزمات والمُلمّات بين الأطراف المتنازعة، أمثال المرحومِين هنري فرعون وبيار إده ويوسف سالم وسواهم.

لا ندّعي أن مثل هذه الهيئة المدنيّة يُمكنها أن تجترح العجائب، خصوصاً في أيامنا هذه، ولكنها قادرة على تبريد الأجواء وإيجاد مناخ من التهدئة، وفي أقل تقدير، أن تُبقي على خطوط التواصل بين المتخاصمين، ولو بصورةٍ غير مباشرة.

نحن نعيش في ظل نظام ديموقراطي ولو بممارسة ملتوية. وفي بلدنا، لا تشكّل الأحزاب عماد النظام البرلماني. صحيح أن لدينا كماً من الأحزاب يفوق ما لدى البلدان الكبرى ذات القوة العظمى. إلا أن أحزابنا ترتكز إلى الطائفية والمذهبية. وثمة أربعةٌ أو خمسةٌ منها تستطيع أن تشارك في مجلس النواب لما لها من شعبية. ولكن أياً منها لم يستطع أن يسجّل إختراقاتٍ جديّةً على مستوى النسيج الوطني العام.

وذكرنا، غير مرة، أننا عشنا، في الزمن الجميل، شكلاً من أشكال النظام الحزبي. ومن نافل القول أن نكرر أنه منذ ما قبل الاستقلال وحتى العام 1958 كان البلد يدور في فلك حزبَين متنافسَين: حزب الكتلة الدستورية بقيادة الرئيس المرحوم الشيخ بشارة خليل الخوري وحزب الكتلة الوطنية بقيادة الرئيس المرحوم إميل إده. وكلاهما كانا عابِرَي الطوائف والمذاهب. ومنذ مطلع الستينات وحتى قُبَيل أحداث 1975، كنا ندور في فلك الحلف الثلاثي بقيادة الرئيس المرحوم كميل شمعون و”النهج” بقيادة الرئيس المرحوم فؤاد شهاب. والإثنان كانا أيضاً عابِرَي طوائف ومذاهب. ومن أجمل ما أفرزه نظامنا آنذاك وجود “تكتل الوسط” بزعامة الرؤساء المرحومين سليمان فرنجية وكامل الأسعد وصائب سلام. وكان التكتل أيضاً  عابراً الطوائف والمذاهب، أي بمثابة القوة الثالثة الوسطى كما يدل عليه اسمه. (https://www.disabilityhelpcenter.org/)

هل أن وجود قوة ثالثة، اليوم، يحل أزمة لبنان هائلة الخطورة؟

بالطبع لا. ولكن لو كانت مثل هذه القوة حاضرةً لأمكننا الإلتفاف حول حدٍ أدنى من القضايا المشتركة. إذ إننا نختلف حول كل شيء وعلى ما إذا كانت الشمس تشرق من الشرق وتغرب في الغرب.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *