قمرٌ لأهل الأرض

Views: 110

إيمان ريدان

في أيام يعزّ فيها الرّغيف، هل من مكان لقمر يتربّع على عرش الّليل. يؤنس الوحشة والغربة، فتمشي على ضياء أمدائه، حروفٌ وأشكال متعانقة، ضاحكة، صاخبة، خافتة، بالأسود كنوتات الموسيقى تنساب على صفحة بيضاء..؟

أيأتي السّلام والإلهام حين يسافر قمر الصّيف في بحر وهجه، معجبًا كنرسيس، عاشقًا مثل كيوبيد، هائمًا كقيس، فيسكن أنينُ الجوع، وتتبدّد المخاوف كما هدأة طفل في حضرة النّعاس؟ 

أنخجل إنْ أحببنا الجمال، والبشاعةُ حولنا تزمجر؟

أنداري الصّور الشّعريّة المرهفة إنْ تشكّلت من تلقائها في الوجدان، أو تآلفت معانيها بعذوبة فائقة، لأنّ عذابات أهل الأرض تدور في متاهات، أصواتُها ضائعة… لا تلتقطها أذن، ولا تكرّرها شفاه؟

أنحسب من الظّلم أن نحلم، ونحبّ، و نفرح حين نكتب، أو نكتب حين نفرح، ونترك أحلامَنا الأرضيّة تغزل أشواقها في مرايا السّماوات، لأنّ الأحزان تجتاح  الدّروب، تزيدها حلكة ، تعشّش في المآقي، وتحبس دمعها عن الجريان، فبكاء الأفئدة أكثر سخونة؟

أيكون في أفلاكنا قمران، أو قمر بوجهين، أحدُهما يتماهى مع الظّلام، فيخالف الشّمسَ في ترحالها، والأحلامَ في إزهارها، وآخر  يضيء ليل الشّعراء والعاشقين. لا يتعب من تلبية نداءاتهم الملحّة المستعجلة قبل زحام الفجر المتشظّي ازرقاقًا، فمائلًا إلى كشف مبين؟

ومتى تُكتب الثّورات؟ مع أي قمر أو وجه بينهما؟ ألعابري دروبها أحلامٌ من أرضِ حريّة وإقدام، ليست على هذه الأرض، بل مبتكرة في عقول نيّرة؟

وهل ألهم الحبّ والأمل ندماءَ القمر، كيفما نادوه في ليل حالك، أن يتبعوا أحلامهم المحروسة، ليطلقوها مع مواكب شمس دافئة وناضجة؟

تتراقص الصّور، وقمري الوحيد يبدّل ثوبه الفضّي، يشحب قليلًا، فكثيرًا، وهو على حافّة السّماء، مقتربًا من بيوت المدينة شبه الصّامتة، منصتًا إلى المنتظرين بلهفة، طلّةَ القمحيّةٍ البهيّة…فغدًا نهار واعد، مختوم بقمر رئيف…قمرِ أهل الأرض.

 

 

(Home)

Comments: 1

Your email address will not be published. Required fields are marked with *