من ذكرياتي الإعلامية… لماذا لم ينفّذ وديع الصافي فكرتي ويرث لقب “كوكب الشرق” أم كلثوم؟؟ 

نبيل غصن

 

كان محبو سيدة الغناء ام كلثوم على موعد معها كل ليلة خميس من كل شهر، ليستمتعوا باجمل اغنية او اغنيتين لها، ولكن غيابها حرم محبي الطرب من الاستماع الى الاغاني الرائعة بأهم الاصوات، من هنا جاءتني فكرة ايكال هذه المهمة لاجمل صوت بعد ام كلثوم، اي الكبير وديع الصافي رحمه الله، وطرحت الفكرة عليه فوافق مرحباً، ونشرتها مفصلة في مجلة “الشبكة” آنئذ من خلال هذا الكتاب الذي فصلت فيه الفكرة، فكان للصحافي الكبير للصديق جورج ابراهيم الخوري رحمه الله، رأي وتعليق كما ستقرأون التفاصيل التالية باللهجة المحكية اللبنانية:

 

صداقتي مع مطرب لبنان الاول الراحل وديع الصافي تعود لعدة سنوات حين كنت يافعاً وكان المرحوم والدي عبده بدران غصن شاعراً زجلياً وصاحب مجلة “الشحرور” يرتبط بصداقة حميمه مع “ابو فادي”. بعد سنوات دخلت انا اذاعة لبنان وصارت اتصالاتي وطيدة اكتر واكتر فيه، بحكم زياراتو العديدة للاذاعة وبحكم الجيري بيناتنا، في الحازميه شتاء، والقليعات صيفاً .

 

 غالباً، كان ابو فادي يطلب مني زورو.. وهونيك يسمّعني آخر الحانو ويشكيلي من اشيا كتير مضايقتو … وبأحد الايام كان الشاعر الكبير الصديق يونس الابن (رحمه الله) مؤلف اشهر اغاني الصافي ومنها “لبنان يا قطعة سما” عم بيزورني بالمكتب، وبخلال احاديثنا، سألتو:

شو قولك يا يونس لو تعاونت معي وطرحنا فكره جديدي على ابو فادي، قولك بتعجبو وبيساعدنا على تنفيذها؟؟

قللي يونس: شو هيي هالفكره؟

جاوبتو: ام كلثوم بحياتها كانت تقدم بأول خميس من كل شهر، بحديقة الازبكية بالقاهره، حفلة تحضرها اعداد كبيري من عشاق صوتها من مصر ومن بلدان العرب وكلهم من الشخصيات والامراء …

واليوم من بعد وفاة ام كلثوم الناس متعطشين لسماع صوت كبير شبيه بصوتها يلعب دورها ويقدم حفلة شهريه باغاني طربيه طويله يتولى تلحينها كبار الملحنين متل بليغ حمدي، رياض السنباطي، كمال الطويل، عبدالوهاب وغيرهم …وما في ببالي اهم واجمل واقوى من صوت وديع الصافي اللي وصفوه بـ “الصوت المعجزة” انو يتولى هالدور، واكيد رح يسجِّل نجاح كبير ما بيختلف عن نجاح كوكب الشرق ابداً، شرط تتقدم الحفلات باطار غني بالعناصر الموسيقية وبلباس موحد للموسيقيين وبقائد اوركسترا قدير…

 

 وزرنا انا ويونس مطربنا الكبير، وطرحت الفكره عليه وقلتلو من شروط هالفكره انو يقدم كل شهر قصيدة طرب جديدي من الحان واحد من اللي كانو يلحنو لام كلثوم… فانتفض ابو فادي وقللي: وانا شو ناقصني ما بلحن لنفسي، شو بدي بغيري؟

قلنالو انت بتلحن وغيرك بيلحِّن كمان، وهيك منضمن لصوتك الكبير يستفيد من اساليب وروحية كبار الملحنين وهني بدورهم بيستفيدوا من طاقات صوتك المعجزة …

 المهم.. اوحالنا وديع انو اقتنع، لكن. بالواقع كان بعدو مُصِّر على رأيو … واخيراً طلب منا نعمل الاتصالات اللازمة مع الملحنين والمتعهدين ت نعرف منهم شروط التنظيم والمكافآت المالية الخ!! لانو هوي عندو حفلات كتيري خارج لبنان وممكن يغيب عدة اشهر قبل ما يرجع…

 

ورحنا نتصل بعدد من منظمي الحفلات والمسارح، وكان الجميع مرحب بالفكره، لكن معظمهم كان يشك بامكانية التزام مطربنا الكبير بالقيود، لأنو على حد زعمهم انو بيفضّل دائماً يغني بحريّة وعلى سجيتو ويلوّن بأغنياتو المختلفة، فصعب عليه انو يلتزم كل شهر بحفله كبيرة واحدة يقدم فيها اغنيتين طربيتين جديدتين فقط لا غير.

 لم استسلم انا واصريت انو يلعب وديع الصافي دور مطربة الشرق، ليحمل من بعدها هوي لقب “مطرب الشرق”، او “كوكب الشرق “…

لذلك اجتمعت يومها بصديقي الصحافي جورج ابراهيم الخوري – رحمه الله – وطلبت منو ان ينشر لي مقالة تدور حول هالمشروع/الاقتراح اللي برأيي سيحمل صوت وديع الصافي اجمل الحان الشرق لمستمعي العالم، بتتقدم باطار لائق وفخم بمستوى الموسيقيين والملحنين والوسائل التقنية، بالاضافة الى نوعية الحاضرين لهالحفلات، حيث سيلتزم الجميع بلباس موحْد لائق كما في ارقى مسارح العالم …

 وتجاوب معي الاستاذ جورج ابراهيم الخوري ونشر اقتراحي مفصلاً، وعلق عليه بامتداحو الاقتراح وترحيبو فيه، لأنو بينقل ابو فادي من لقب “مطرب لبنان الاول” الى لقب “مطرب العرب الاول”، لأنو مقدرتو الصوتيه ما بتقل شأناً عن مقدرة صوت كوكب الشرق ام كلثوم.

 

واحدث اقتراحي هيدا ردة فعل وضجه ايجابيي كبيري في الاوساط الفنيه اللبنانيه والعربيه، وانتظر محبو الطرب الاصيل بكل مكان تحقيق هالفكره الرائده، لكن مطربنا كان مشغول بحفلاتو الكتيري بلبنان وخارج لبنان .

طال غيابو وكان دائم التنقل من بلد لآخر، لا يكاد يصل الى لبنان حتى يطير في اليوم التاني، ويطيّر معو اجمل فكرة للبنان وللموسيقى والغناء الشرقي، واللي اظنها كانت رح تحمل معها مجداً تليداً اضافياً لما يتميز به وديع الصافي من اسم فني كبير وصوت فريد رح يضل خالد عبر الزمن…