لامع ميقاتي

Views: 876

د. جان توما

يقرأ “لامع” مقالتي كلّ صباح، فيكتب ملاحظة أو تعليقًا. هو عميد الثقافة الموسوعية بيننا، فقد تيسّرت له ظروف الدراسة في باريس، والعمل في الخليج، والاستقرار في طرابلس التي لا يعرف هناءة العيش ورغده إلّا في أزقتها الداخلية وفي مجالسة أبنائها مساء بعد أن يخوض صباحًا نقاشاته الفكرية في الجامعة التي يبحث فيها متفاعلًا مع الشباب.

من وحي ملاحظاته التي تعود إلى عام ١٩٦٠ يروي تعليقًا على مقالتي ” اليمام في باريس” أنّه في شبابه:” كنت أقضي الصيف عند أسرة خطيبتي قرب استوكهولم في بيتهم الصيفي على ضفاف البحيرة، وكان طائر  الهدهد قد اعتاد كلّ صباح النقر على النافذة لنطعمه فتعارفنا وأطلقنا عليه اسم “اوسكار” فصار من أهل البيت وكنا نأتيه بطعام خاص، وصار يدخل البيت ويجالسنا”، وكما الهدهد كذلك كان البطّ والبجع في البحيرة المجاورة يأتي مباشرة إلى الزوّار الذين كانوا يرمون لها طعامًا خاصًا بها.

ومن وحي المقالات يقول إنّه لا يذكر من سكنه في  السويد إلّا ” أن ملكًا فيها يدور على شعبه راكبًا دراجة هوائيّة متفقدًا أموره، فيما  زوجة رئيس الوزراء تعمل على الصندوق في إحدى السوبر ماركت”.

وعن مفهوم السلطة والخدمة يشير “لامع” إلى أنّه زار قصر ملك الدانمرك في جولة سياحيًة، فدفعته حشريته، وقد جال في ممرات القصر وتوغّل، إلى سؤال حارس يرتدي ثيابًا دانمركيّة تقليديّة: أين يقطن الملك؟ فأجابه: أنت واقف قريبًا جدا من غرفة نومه.

يسرد لك لامع ميقاتي الحكاية كما لو هي تحدث الآن أمامك، كما في روايته بغضب وانفعال يوم كان سائرًا في شوارع طرابلس القديمة فخورًا بالإرث التاريخي الأثري للمدينة، فإذا به يرى رجلًا يثقب المقرنصات المملوكيّة الفريدة “ليركّب”لمبة لإنارة مدخل بيته. فقرر” لامع” حينها العمل على تعميم الثقافة الفنّية التاريخية، فأصدر سلسلة مقالات جمعها عام ٢٠١٩ في كتاب: من ساحة التل ( طرابلس) إلى الحيّ اللاتيني ( باريس) عن مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافيّة.

في النهاية، وصل “لامع” إلى غرفة نوم الملك ولم يستطع بعد الوصول إلى تعميم ثقافة الحفاظ على الآثار في مدينة التاريخ والحضارة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *