دمع العين

Views: 793

د. جان توما

أي عين تسكب الدمع أكثر؟ اليمنى أو اليسرى؟ أم أنّ الاثنتين متكاملتان في حجم الدمع وعدد قطراته؟ ثمّ لماذا تحترق عين دون أخرى؟ ولماذا يقوم رمش واحد وحيدًا برسم إشارة التساؤل أمام مسألة أو مراجعة مزاج في موقف أو آخر؟.

كنت كلّما مررت أمام مصطبة هذا البيت الريفي منذ سنوات طوال رأيت رجلا عجوزا متكئا على عصا تسند جسده المتهالك، جالسًا على هذا المقعد المشغول من حواضر البريّة المحيطة بالمكان.

غاب الرجل في هذا الصيف عن المشهد المألوف. ضرب الفراغ المصطبة.لم يعد المشهد متكاملا إذ خسر البيت ساعدي من بناه، ومن رتّب المصطبة لتكون محطة انتظار للرحيل.

هل درى الرجل ههنا أنّه رحل أوّلا إلى عيون المارّين بسياراتهم من هنا؟ هل شعر بالقلوب التي كانت تخفق كلّما رأته جالسًا ومتكئًا على عصاه فيما عيناه تبحران كأشرعة في بحر ألف ذكرى وذكرى؟

كم موّال غناه تحت هذه الخميلة؟ كم راح شوقه – ربّما- إلى أولاده في بلاد الله الواسعة؟ يشتهي أن يعانقهم وقد مضى العمر في شتات بين الدروب الموغلة في الوحدة القاتلة والفراغ المضجر.

كلّما أعبر من هناك تسألني شجرة الكرز عن الذي كان هنا.لا أعرف اسمه، ولا أعرف قصته، كما غيري من العابرين دروب القرى المنسيّة، ولكنّي أعرف أنّ حائط البيت العتيق فَقَدَ سند ظهره والمتكأ الإنساني الذي كان يتباهى به.

لن يخسر حجر الدار إنسانيته، ولن تدري عين، أيّا كانت السبّاقة إلى الدمع ، كيف يصير الدمع باب الدار الذي لن يدرك امرؤ حكاية صناعته لأنّه مشرّع في وجه الحياة كقمر تلال بلادي.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *